ماذا يفعل المرتزقة الروس في سوريّة؟

نشر بتاريخ: الأحد، 04 آذار/مارس 2018 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين


أسفرت إيران عن وجهها الحقيقي المنحاز ضدّ تطلّعات الشعب السوري نحو الحريّة والعدالة، واعترفت بأنّها استدعت لحماية النظام أكثر من خمسين فصيلاً شيعيّاً مقاتلاً، من كافّة الجنسيّات لحماية المراقد المقدّسة.
أمّا روسيا الغارقة في المستنقع السوري، العاجزة عن صناعة ميليشيا ارثوذكسيّة موالية لحماية مسيحيي الشرق لتبرير تدخلها، فقد أنكرت على لسان مسؤوليها وجود مدنيين روس تابعين للجيش الروسي، إلا أن الوقائع تؤكد وجود جيش من المرتزقة الروس يعمل بالتنسيق الكامل مع القوات الروسية، ويتلقى نفس امتيازات عناصر الجيش الروسي، والرعاية الصحيّة، والعلاج المجاني في المستشفيات العسكرية الروسية أسوة بالجنود الروس.
لكن مقتل عدد كبير من المرتزقة الروس في دير الزور بقصف من قبل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وانفجار مستودع أسلحة تابع لهذه الشركة أكّد على وجود مقاتلين  يعملون تحت غطاء شركات أمنية، وينفذون مهاماً عسكرية في سوريا، إلى جانب القوات المحتلّة الروسية والقوات السورية المتحالفة معها، وتأكيد قائد المليشيا الروسي على أن عدد القتلى 150 شخصاً يتواجدون حالياً في ثلاجات الموتى في مقر شركة فاغنر بسوريا، وبحسب ما وصف له بأن حالتهم عبارة عن “لحم مفروم”.
مما أعاد إلى الأذهان الحديث عن (بلاك ووتر) الأمريكيّة ذائعة الصيت، ودورها في احتلال العراق عام 2003، وعن إعلانات نشرت في عام 2013 على المواقع الروسية، للتعاقد مع جنود وضباط متقاعدين، مقابل مردود مادي يقدر بخمسة آلاف دولار..


وعن قيام عقيد سابق في المخابرات الروسية بتجنيد عدد من العسكريين المتقاعدين الذين قاتلوا في شمال القوقاز وطاجكستان، ضمن تشكيل (الفرقة السلافيّة) للقتال في سوريّة، وهي جمعية الضباط الفاقدين للمأوى التي يترأسها الكولونيل الأوكراني المتقاعد «سيرغيي رازوموفسكي»، وهدفهم نصرة نظام بشار الأسد، وخاصّةً بعد الموقف الذي أصدرته الكنيسة الروسية الأرثوذكسية المؤيّد للغزو الروسي.
وأشارت تقارير عديدة إلى أن القتلى الروس في السابع من شباط 2018، هم عناصر شركة أمنية روسية خاصّة، تعمل في سوريا بموجب عقد مع وزارة الدفاع الروسية تحمل اسم "فاغنر"، وهو الاسم الحركي لقائدها الضابط السابق بجهاز الاستخبارات  الروسيّة، الذي قتِل خلال عملية عسكرية بالقرب من مدينة تدمر في الثاني من كانون الثاني 2016 .
ووصفت "هاف بوست" مجموعة فاغنر "بأنَّها من القوات التي يمكن إنكار وجودها أو العلم بوجودها من الجهات الرسمية، لكن لا خِلاف على أنَّها قواتٌ تابعة لروسيا.
وتستخدم مجموعة فاغنر منشآت التدريب التي توفرها وزارة الدفاع الروسية لمنتسبيها، ويتلقى قادتها أوسمة التقدير من الكرملين على خدماتهم للجيش الروسي.
وكانت قوات فاغنر قد أثبتت كفاءتها في احتلال شبه جزيرة القرم، والقيام بمهمات قتاليّة في شرق أوكرانيا نيابة عن الجيش الروسي، لتنأى القوات الروسيّة بنفسها عن القتال إلى جانب دعاة الانضمام إلى روسيا.
وكان لهذه الشركات مواقف منحازة لأنظمة الاستبداد والقمع، وانتهاك حقوق الإنسان على نطاق واسع، كما هو الحال في سوريّة وليبيا.
ويتم نقل المرتزقة الروس سراً بواسطة طائرات عسكرية روسية إلى القواعد الروسية، أو يسلك هؤلاء الطريق البحري وصولاً إلى ميناء بيروت، ثم ينتقلون إلى معسكرات التدريب داخل الأراضي السوريّة لإعدادهم لتنفيذ المهام القذرة التي سيكلّفون بتنفيذها هناك.
ولروسيا سجل حافل في استخدام متعاقدين عسكريين خاصّين كامتداد لجيشها، من ذوي السمعة السيّئة، للعمل خارج نطاق القانون، لصالح شركات خاصة، أو شركات متعددة الجنسيّة، يتجاوز دورها المعلن، وهو حراسة الشخصيّات الهامّة، وتنفيذ الاغتيالات السياسيّة، وحماية منشآت النفط والغاز، والقتال إلى جانب القوّات النظاميّة والأنظمة العميلة.
ومع تطوّر الأحداث جرى تسليح الشركات الأمنيّة الروسيّة في سوريّة بدبابات من طراز T-90  ومدافع الهاوتزر، إلى جانب الأسلحة الخفيفة، لزيادة الاعتماد عليهم.
 وتعترف روسيا بوجود خبراء روس ومستشارين عسكريين لدى الوحدات العسكريّة المقاتلة، ولا تخفي اشتراك طائرات عسكريّة يقودها طيّارون روس في عمليات القصف ضد الأهداف المدنيّة السوريّة بعد أسر عدد منهم، وتعوّض النقص في سلاح المشاة بالمرتزقة تحت مسمّى الشركات الأمنيّة، لتقليل اعتمادها في مهمّاتها البرية على قوات النظام والميليشيات التابعة لإيران.
وسواء اعترفت روسيا بمقتل أفراد قلائل من الروس تابعين للشركات الأمنيّة، أم لم تعترف، فإنّ الحقائق تشير إلى وجود فعلي لأفراد ينتمون لمنظمات شبه عسكرية وقومية روسية، متورّطة في القتال الدائر بين روسيا وحليفها الأسد من جهة، وبين أطراف النزاع الأخرى الدائر في  جبهة المعارك السوريّة.
يعتقد بوتين أنّ باستطاعته العودة إلى الساحة العالميّة من البوّابة السوريّة بأقل الخسائر، وتنصيب حكومة عميلة في سوريّة على غرار حكومة غروزني، والمحافظة على وجوده العسكري، والاستئثار بثروات سوريّة، وتحقيق نصر رخيص على أيدي المرتزقة الروس، عجزت أسراب طائراته عن انجازه في ساحات الوغى.
وطوبى للغرباء                                                                  رئيس التحرير
1/3/2018                                                                    محمد علي شاهين 

الزيارات: 5877