أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق بن حبيب الثوري

نشر بتاريخ: السبت، 07 كانون1/ديسمبر 2019 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

(97/716 – 161/778)

أمير المؤمنين في الحديث، محدث العرب وفقيهها، أحد أئمة أهل السنة والجماعة، أحد الأئمة الزهاد، مجتهد مفسر للقرآن الكريم، سيد أهل زمانه علما وعملا، وكا ن صاحب مذهب بقي إلى آخر القرن الرابع الهجري.

ينتمي إلى ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة، ولد بجرجان ثم دخل الكوفة، نشأ في بيت علم وفضل وكان أبوه ثقة بين المحدثين وأحد شيوخ أبي حنيفة، قال أبو نعيم خرج سفيان من الكوفة سنة خمسين ومائة ولم يرجع إليها.

 

روى عن أبيه وأبي إسحاق الشيباني، وعبد الملك بن عمير، وعبد الرحمن بن عابس بن ربيعة، وإسماعيل بن أبي خالد، وسلمة بن كهيل، وطارق بن عبد الرحمن، والأسود بن قيس، وبيان بن بشر، وجامع بن أبي راشد، وحبيب بن أبي ثابت، وحصين بن عبد الرحمن، والأعمش وغيرهم.

وصف بشدة الحفظ، قال عن نفسه: ما استودعت قلبي شيئا قط فخانني ؛ سمع الحديث عن أبي إسحق السبيعي والأعمش ومن في طبقتهما، وسمع منه الأوزاعي وابن جريج وغيرهما، 

وفضائله كثيرة جدا قال الخطيب كان إماما من أئمة المسلمين وعلما من أعلام الدين مجمعا على إمامته بحيث يستغنى عن تزكيته مع الإتقان والحفظ والمعرفة والضبط والورع والزهد.

وكان أوحد زمانه علما وورعا وتقوى، وكان كثير الحطّ على المنصور لظلمه، روايته للحديث كثيرة ثقة أمينا على ما روى وحدث عن رسول الله (ص)، 

ولاه المهدي قضاء الكوفة فأبى ثم رجع بعدما كبر إلى جرجان وحدث بها، اتجه إلى مكة والمدينة وقضى فيها أوقاته بالعلم والتعليم والعبادة وزار الطائف والقدس واليمن وبخارى. 

كان يحرص على سماع الحديث ويتثبت في روايته من غيره، روى القراءة عرضا عن حمزة الزيات وروى عن عاصم والأعمش حروفا، روى عنه سعد بن سعيد الجرجاني سؤالات لسعد يرويها عن الثوري من الفقه وغيره، روى عنه أحمد بن طيبة بغرائب، وقال النسائي هو أجل من أن يقال فيه ثقة وهو أحد الأئمة الذين أرجو أن يكون الله ممن جعله للمتقين إماما.

وكان يصاحب المهدي فلما بويع بالخلافة انقطع عنه، فقال له المهدي: إن لم تصاحبني فعظني ؛ وقال له المنصور: يا أبا عبد الله سلني حاجتك، فقال: وتقضيها بها يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قال حاجتي أن لا ترسل إلي حتى أتيك ولا تعطني شيئا حتى أسألك . 

وروي عنه قوله: بث علمك واحذر الشهرة ؛ الزموا الصوامع في آخر الزمان إن صوامعكم بيوتكم . 

قال وكيع: ورؤي سفيان الثوري يأكل الطباهج وقال: إني لم أنهكم عن الأكل ولكن انظر من أين تأكل وارتحل وانظر على من تدخل وتكلم وانظر كيف تتكلم كيف أنهاكم عن الأكل والله تعالى يقول خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا . 

له كتاب: (الجامع الكبير) و(الجامع الصغير) وكلاهما في الحديث، و(تفسير الثوري)،  و(الفرائض)، قال عنه سفيان بن عيينة ما رأيت رجلا أعلم بالحلال والحرام من الثوري. 

وذكر أبو نعيم الأصفهاني صاحب حلية الأولياء طرفاً من أقواله ومنها: قال سُفْيان الثَّوري: "من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعةٍ وهو يعلم أنه صاحب بدعةٍ، خرج من عصمة الله، ووُكِل إلى نفسه".

وأنكر أبو نعيم في الحلية تشيّع الثوري، ونقل قوله: قال سُفْيان الثَّوري: "مَن قدَّم عليًّا على أبي بكرٍ وعمر فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار، وأخشى ألا ينفعَه مع ذلك عمل"

 

قال سُفْيان الثَّوري: أئمة العدل خمسة: أبو بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعمر بن عبدالعزيز رضي الله تعالى عنهم،من قال غير هذا فقد اعتدى.

طلب بمكة فلم يزل متواريا بها لا يظهر إلا لأهل العلم فلما خاف من الطلب بمكة خرج إلى البصرة ونزل قرب منزل يحيى بن سعيد ثم حوله إلى جواره يأتيه بمحدثي أهل البصرة، 

توفي بالبصرة مستترا ودفن في مقابر بني كليب. 

كتب في مناقبه الحافظ شمس الدين الذهبي: (مناقب الإمام الأعظم أبي عبد الله سفيان بن مسروق الثوري)، وكتب عبد الغني الدقر (سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث).  

______________________________________________________________

(1) الكامل ج 5 ص 61 علي بن محمد بن الأثير. (2) وفيات الأعيان ج 1 ص 474 أحمد بن محمد بن خلكان . (3) تاريخ الأمم والملوك محمد بن جرير الطبري . (4) الفهرست ص 225 ابن النديم . (5) غاية النهاية ج 2 ص  308 محمد بن محمد الجزري . (6) آثار البلاد وأخبار العباد ص 254 زكريا بن محمد القزويني . (7) الإمام سفيان الثوري لمحمد أبو الفتح البيانوني . (8) شذرات الذهب ج 1 ص 250 عبد الحي بن أحمد بن العماد الحنبلي. (9) سير أعلام النبلاء ج 7 ص 229 شمس الدين محمد الذهبي. (10) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ج 7 ص 70 أبو نعيم الأصبهاني. (11) تهذيب التهذيب حرف السين المهملة، من اسمه سفيان، ابن حجر العسقلاني. 

 

 

*   *   *   *   *

 

الزيارات: 1020