أحمد بن قاسم بن خلف ابن أبي أصيبعة الخزرجي

نشر بتاريخ: السبت، 01 تشرين1/أكتوير 2016 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

(596/1200 668/1270)

موفق الدين أبو العبّاس أحمد بن قاسم بن خلف المشهور باسم جدّه ابن أبي أصيبعة، عربي خزرجي أنصاري، دمشقي المولد والوفاة، طبيب أديب مؤرّخ مصنّف. 

ولد بدمشق، نشأ في بيئة علميّة مشهورة بالكحالة، وكان والده طبيباً للعيون في البيمارستان النوري، وكان عمّه رشيداً مديراً لمستشفى العيون بدمشق، 

وتتلمذ على عبد الرحيم بن علي المشهور بابن الدخوار الدمشقي وقرأ عليه كتابه (اختصار الحاوي للرازي)، وعلى رضي الدين الرحبي، وشمس الدين الكلّي، ودرس كتاب "الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" على ابن البيطار، وكان يخرج معه إلى بادية الشام في طلب الأعشاب والنبات.

عمل في طب العيون تحت إشراف أبيه في أشهر مستشفيات دمشق إبان العهد الأيّوبي. 

سافر إلي مصر ولقي فيها العلماء وكبار الأطبّاء، وكان يتردد على البيمارستان الناصري فيقوم بأعمال الكحالة، وفيه استفاد من دروس السديد ابن أبي البيان، الطبيب الكحال ومؤلف كتاب الأقراباذين المعروف باسم الدستور البيمارستاني. 

وكان أمراء الأيوبيين قد كلّفوا أطباء دمشق بالذهاب إلى مصر الخاضعة لحكمهم لتعليم الطب فيها ومنهم ابن النفيس ورضي الدين الرحبي. 

 

توجّه من مصر إلى قلعة صرخد من بلاد حوران ملبياً دعوة أميرها عز الدين ايدمر سنة 635/1237، وأقام بجواره موفور الكرامة حتى وفاته في دمشق سنة 668/1270.

عني بتاريخ الطب، وشغل بتراجم الأطبّاء وصنّف فيهم كتاب: (عيون الأنباء في طبقات الأطباء) مجلدين في مراتب المتميّزين من الأطباء القدماء والمحدثين، وبيان طبقاتهم علي توالي أزمنتهم، ونبذاً من اقوالهم وحكاياتهم، وأسماء كتبهم، وذكر جماعة من الحكماء والفلاسفة، ألّفه لأمين الدولة وزير الملك الصالح الأيوبي، وهو من أحسن كتب التراجم، ويحوي الكتاب ترجمة لأكثر من 500 طبيب، منهم 400 طبيب عربي، وهو دليل على تقدّم العرب في ميدان الطب.

ويعتبر كتابه من أمّهات المصادر لدراسة الطب والأطبّاء والأدوية عند العرب.

وقد راجع مخطوطات هذا الكتاب النفيس المستشرق الألماني الشهير مولر وصدرت طبعته الأولى في عام 1300/1882، ونشرت طبعة حققها الدكتور عامر النجار يقول فيها: ولعل أهمية كتاب (عيون الأنباء) ترجع إلى أن صاحبه حفظ لنا الكثير من النصوص، ونقل عن أعلام المؤلفين في الطب، فنقل عن ابن المطران في (بستان الأطباء) و(مختصر كتاب الأدواء للكلدانيين)، ونقل كثيرًا عن (أبو الوفا المبشر بن فاتك) في كتابه (مختار الحكم ومحاسن الكلم)، و(الشيخ أبو سليمان المنطقي) في (تعاليقه) أو (صوان الحكمة)، وعن عبد الملك بن زهر في (التيسير)، وعن ابن ملكا العبري في (المعتبر)، و(أبو معشر البلخي) في (الألوف)، ونقل كثيرًا عن حنين بن إسحاق في (نوادر الفلاسفة والحكماء)، وابن جلجل في (طبقات الأطباء). 

وقال العالم مايرهوف: إن لابن أبي أصيبعة الفضل الأكبر في معرفة التاريخ الطبي والعلمي للقرون الوسطى في الشرق خاصة، وإنه كتب عن الطب الهندي واليوناني، ولولا كتابه المذكور لما تمكنا من معرفة هذا الكم الهائل من المعلومات.

ووصف الكتاب بأنّه أثر جليل وعمل جبار لا يستغني عنه أحد من المؤرخين لأنه مرجع شامل، يقدم صورة واضحة عن الحياة الاجتماعية والعلمية للعالم العربي في تلك الحقبة من الزمن، ويعتبر مصدرا هاما لدراسة تاريخ الحركة الثقافية وتطور الحضارة العربية الإسلامية. 

والجدير ذكره ما تضمنه الكتاب من نكات أدبية ونوادر وأبيات شعر وقصائد مما يجعل قراءته ممتعة حتى لعامة الناس من غير المختصين في التأريخ، خصوصا حين تتجلى به أمانة الطبيب، وتنعكس من خلاله أخلاق المؤلف الحميدة وثقافته الرفيعة وعلو شأنه في العلوم والمعرفة وحبه الدائم لتقدم العلوم الطبية بجميع فروعها.

وله كتاب (التجاريب والفوائد) و(معالم الأمم وأخبار ذوي الحكم) و(حكايات الأطباء في علاجات الأدواء) و(إصابات المنجّمين)، ومما يؤسف له أنّ معظم كتبه التي ذكرها قد فقدت.

وكان شاعراً مجيداً، وله نظم كثير حسن. 

______________________________________________________________

(1) كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ص 1207 حاجي خليفة. (2) هديّة العارفين م 1 ص 96 إسماعيل الباباني. (3) معجم المؤلّفين ج 2 ص 47 عمر رضا كحالة. (4) شمس الله علي الغرب ص 173 سيجريد هونكه. (5) الطبي كوم ابن أبي أصيبعة بقلم: عبد العزيز اللبدي. (6) ابن أبي أصيبعة الطبيب المؤرخ د. راغب السرجاني. (7) باب كوم أحمد بن أبي أصيبعة.. عين الأنباء في طبقات الأطباء. (8) مجلة الآداب العدد 107 أميمة قاسم يحي.

 

 

الزيارات: 2684