عمر أحمد علي عبد الرحمن

نشر بتاريخ: السبت، 04 آذار/مارس 2017 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

إن الإسلام يأبى ويرفض ويدين عمليات التخريب وإزهاق الأرواح

(1357/1938 ـ  1438/2017)

 

الزعيم الروحي للجماعات الإسلاميّة بمصر، عالم أزهري ضرير.

ولد في قرية الجماليّة، بمحافظة المنصورة، فقد بصره منذ طفولته بسبب مرض السكري، تتلمذ على خاله حسني محمد شريف، أتم حفظ القرآن في العاشرة، ثم التحق بالمعهد الأزهري بطنطا، وحصل على الثانوية الأزهريّة سنة 1380/1960 وتخرّج من كلية أصول الدين في القاهرة سنة 1385/1965، ونال درجة الماجستير وكان موضوع رسالته (الأشهر الحرم) .

 

عين معيداً بالأزهر، ونال الدكتوراه في الشريعة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وموضوعها (موقف الإسلام من خصومه كما تصوّره سورة التوبة).

منع من الالتحاق في وظيفة أستاذ بجامعة الأزهر، واختير للتدريس في كليّة البنات وأصول الدين في أسيوط حتى سنة 1397/1977، وأعير إلى إحدى الدول العربيّة حتى سنة 1400/1980، استطاع بقدرته على الإقناع، وتمكّنه من العربيّة وشواهدها، وتصرّفه كالبصير، من نشر أفكاره التي وجدت تربة خصبة في صفوف المتعلّمين والمضطهدين، الذين أحبوه لجرأته وصراحته.                                                          

استخدم الأسلوب الرمزي في خطبه، فكان يتناول فرعون فيفهم الحاضرون أنه يقصد عبد الناصر، خلال حكمه، فأحيل على الاستيداع، واعتقل سنة 1390/1970 لإصداره فتوى بتحريم الصلاة عليه.

وتعرض للصعق بالكهرباء عندما كان محتجزا إلى حين إطلاق سراحه والذهاب إلى منفى اختياري في عام 1410/1990

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وافقت على طلب التأشيرة لعبد الرحمن، الذي دعم المجاهدين ضد السوفييت في أفغانستان خلال الثمانينيات، وعاش في بروكلين بمدينة نيويورك بالقرب من جيرزي سيتي،.

وحتى وهو في المنفى ظل عبد الرحمن قوة في الشرق الأوسط حيث كان أتباعه يستمعون إلى خطبه التي تندد بالحكومة المصرية وإسرائيل على شرائط الكاسيت والمحطات الإذاعية.

رفض (كامب ديفد) والتطبيع وكل الالتزامات التي التزم بها السادات، واعتبره خارجا عن الإسلام لأنه أراد توحيد الأديان، وأفتى بإباحة دمه بعد توقيعه على معاهدة (كامب ديفد)  وقال: إننا نعتبر بأن مواجهة إسرائيل تفرض أولاً مواجهة من يتعاملون معها، وأنّه لا بد من إزالة كل الأنظمة التي تتعامل مع إسرائيل، فلما اغتيل السادات فوق المنصة على يد الملازم خالد الإسلامبولي، قدّم أمام محكمة عسكريّة، لم تجد من الأدلة ما يكفي لعقابه، فهاجر إلى أمريكا، واشتغل بالدعوة والتأليف والتبشير بأفكاره، إلاّ أنّ الحكومة المصريّة كانت تصرّ على إقحامه في قضايا العنف التي تصاعدت في مصر في مطلع 1413/1993 وتطالب الولايات المتحدة بتسليمه إليها.

قال بتكفير الحاكم المبدّل لشرع الله، ووجوب قتال الطائفة الممتنعة عن الشريعة، وجواز تغيير المنكر باليد، وتحريم دخول البرلمان، والأحزاب السياسيّة، ووجوب العمل الجماعي.

قال عن جماعته: إننا لسنا بتنظيم سرّي، ولسنا منظّمة عسكرية، إنما نحن جماعة إسلاميّة نطلق على أنفسنا (جماعة الجهاد)، أما اسم التنظيم أو اسم المنظمة، فهي ألقاب ألصقتها بنا السلطة، التي تحاربنا، ونحن لا نؤمن بالأفكار الديمقراطيّة، ولا بالقانون الطبيعي، ولا بأفكار الثورة الفرنسيّة، التي يدعو إليها البعض، ولا بمبادئ الثورة البلشفيّة التي سار على دربها الكثيرون، ولا بالنزعة الرأسماليّة الماديّة التي تسيطر على مصائر العباد، إنّما نؤمن بمنهج أهل السنّة والجماعة.

وقال: علينا أن نجاهد في سبيل الله بالأرواح، والأنفس، والأموال في مقارعة الباطل، وفي مجابهة الطغيان، وفي محاربة الاستبداد، الذي تمارسه علينا الأنظمة الظالمة، التي صادرت حريّات الناس، وتصرّفت بأموالهم، وضيّعت مصيرهم، مما جعل حقاً على المسلمين أن يثوروا على كل حاكم ظالم مستبد.

وقال: إذا كنا نعتقد أنّ لنا حقاً عند الآخر، فلا بد أن تكون وراء هذا الحق قوّة تنتزعه من أيدي مغتصبيه، وذلك هو الجهاد في سبيل الله.

ألّف كتباً منها: (كلمة الحق) و(أحكامهم وحتمية المواجهة) و(أصناف الحكم) و(الله أكبر فليستقل شيخ الأزهر) و(ميثاق العمل الإسلامي) وجمع له تلاميذه في سجن طرّة (أصناف الحكام وأحكامهم).

سافر إلى أمريكا، واستقرّ بمدينة (سيتي جيرسي) حيث يتجمّع أتباعه وأنصاره، وأطلق عليه الإعلام الأمريكي: خوميني مصر، وأثناء الإقامة في الولايات المتحدة اتهم عبد الرحمن وأتباعه بمقتل الحاخام المتشدد مائير كاهانا في نيويورك عام 1990، ومقتل كاتب مصري مناهض للمتشددين في مصر عام 1992، وهجمات على سياح أجانب في مصر.

واتخذت السلطات الأمريكية إجراء في 1992 وألغت البطاقة الخضراء لعبد الرحمن على أساس أنه كذب بشأن تهمة شيك بدون رصيد في مصر، وبشأن أن لديه زوجتين عندما دخل البلاد، وكان يواجه احتمال الترحيل عندما انفجرت شاحنة ملغومة في ساحة لانتظار السيارات أسفل مركز التجارة العالمي في 26 فبراير شباط 1993.

وبعد أربعة أشهر اعتقل عبد الرحمن وقدم للمحاكمة مع عدد من أتباعه في عام 1995 واتهم بالتآمر لشن هجوم إرهابي في الولايات المتحدة وتنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات متزامنة في مقر الأمم المتحدة ومنشأة حكومية اتحادية رئيسية في مانهاتن وأنفاق وجسر يربط مدينة نيويورك بولاية نيوجيرزي.

وذكرت لائحة الاتهام أن عبد الرحمن وأتباعه خططوا "لشن حرب إرهاب في مناطق حضرية ضد الولايات المتحدة" في إطار الجهاد لوقف دعم الولايات المتحدة لإسرائيل وتغيير سياستها الشاملة تجاه الشرق الأوسط.

وشملت اتهامات عبد الرحمن أيضا التآمر لقتل الرئيس المصري السابق حسني مبارك خلال زيارة إلى الولايات المتحدة عام 1993، ومشرّع يهودي عن ولاية نيويورك، وقاض يهودي بالمحكمة العليا لولاية نيويورك.

واستندت قضية مركز التجارة العالمي في أغلبها ضد عبد الرحمن وأتباعه إلى تسجيل فيديو وتسجيلات سجلت بمساعدة حارس للشيخ أصبح مخبرا لمكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي).

وأظهر تسجيل مصور أيضا أربعة من المدعى عليهم وهم يخلطون أسمدة بوقود الديزل لصنع قنابل.

وبعد محاكمة استمرت تسعة أشهر أدين الشيخ وتسعة من أتباعه في أكتوبر تشرين الأول عام 1995 في 48 تهمة من أصل 50 تهمة.

ولم يدل عبد الرحمن بشهادته أمام المحكمة لكنه في جلسة النطق بالحكم ألقى كلمة مؤثرة استمرت لأكثر من 90 دقيقة من خلال مترجم، وزعم براءته، وأدان الولايات المتحدة وقال إنها عدو لدينه، وقال حينها "لم ارتكب أي جريمة سوى أني أتحدث مع الناس عن الإسلام.

واتهمته السلطات الأمريكيّة بالتحريض على عملية تفجير مركز التجارة العالمي بنيويورك في 11/9/2011، وقدّمته إلى محكمة أمريكيّة قضت بسجنه مدى الحياة سنة 1416/1996 بتهمة التآمر لشن حرب مدن وإرهاب في الولايات المتحدة، إلا أنّه رفض التهم الموجّهة إليه قائلاً: إن الإسلام يأبى ويرفض ويدين عمليات التخريب، وإزهاق الأرواح.

توفي يوم السبت الموافق 18/2/2017، في مركز طبي اتحادي بمجمع سجون اتحادي في بوتنر بولاية نورث كارولاينا.بعد عشرين عاماً من السجن، ونقل إلى مصر، ودفن في مسقط رأسه بمحافظة الدقهلية في موكب مهيب، شارك فيه الآلاف من أنصاره ومحبيه.

___________________________________________________________

(1) مجلة فلسطين المسلمة ع2 س14  شباط 1996 (2) مجلة الوسط ع76 تاريخ 12/7/1993 (3) مجلة الفكر الإسلامي، حوار مع الشيخ عمر عبد الرحمن ع1 س16 1407/1987. (3) محمد عبد الرحمن الشيخ الأمريكي القادم،  محمود فوزي. (4) وكالة رويترز 18/2/2017 وفاة رجل الدين المصري الكفيف عمر عبد الرحمن بسجن في أمريكا.

 

أعلام الصحوة الإسلاميّة م2 الشخصيّة 456 تأليف: محمد علي شاهين.

 

 

الزيارات: 1706