إسحاق بن أحمد فرحان

نشر بتاريخ: الخميس، 06 أيلول/سبتمبر 2018 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

إنّ مهنة التربية والتعليم مهنة دعوة وتوجيه وإصلاح وواجبنا إعداد المعلم الرسالي
(1353/1934 ـ 1439/2018)
من روّاد الحركة الإسلاميّة،  مفكّر الإسلامي قدير،  أحد أعلام التربية والمربين في العالم العربي،  رئيس الجمعيّة العلميّة الملكيّة الأردنيّة (1975 ـ 1976)،  عضو مجمع اللغة العربيّة الأردني منذ تأسيسه في عام 1976،  أستاذ التربية ورئيس الجامعة الأردنيّة (1976ـ 1978)،  رئيس المجلس العلمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي ـ مكتب عمّان منذ عام 1980،  رئيس جامعة الزرقاء الأهليّة وأحد مؤسّسيها (1994 ـ 1997)،   سياسي أردني،  عضو مجلس الأعيان الأردني (1989ـ 1993)، 

مؤسّسي (حزب جبهة العمل الإسلامي) وأمينه العام الأوّل (1992ـ 1998)،  عضو مجلس النواب،  وزير التربية والتعليم،  ووزير الأوقاف والمقدسات والشؤون الإسلاميّة في الأردن في وزارة وصفي التل سنة 1970،  ثم وزير التربية والأوقاف في وزارة أحمد اللوزي سنة 1971،  واحتفظ بوزارته بعد التعديل الوزاري سنة 1972،  ثم وزير الأوقاف سنة 1973 في وزارة زيد الرفاعي.
 ولد الدكتور اسحق الفرحان في بلدة عين كارم،  بالقرب من القدس،  وبها أتم دراسته الابتدائيّة،  ثم انتقل إلى مدينة السلط وأتم بها المرحلة الثانوية بتفوّق،  وانضمّ إلى (جماعة الإخوان المسلمين)،  ثم التحق بالجامعة الأمريكيّة ببيروت ونال منها شهادة بكالوريوس العلوم والماجستير في الكيمياء الفيزيائيّة بتفوّق عام 1957،  ثم درجة الماجستير في التربية (إعداد معلمي العلوم) من جامعة كولومبيا بنيويورك 1962،  ثم الدكتوراه في التربية (مناهج وإعداد المعلمين) من جامعة كولومبيا بنيويورك 1964.
عمل مدرّسا للعلوم في ثانويّة السلط (1958 ـ 1960)،  ثم انتقل إلى معهد المعلّمين،  ثم رئيساً لقسم إعداد المعلّمين وتأهيلهم بوزارة التربية والتعليم الأردنيّة،  وأشرف على تطوير المناهج والكتب المدرسيّة.
وشارك في النهضة التعليميّة في المملكة العربيّة السعوديّة فترة خصبة من حياته شارك خلالها في وضع نظام قسم الدراسات العليا بمكّة المكرّمة.
وترأس اللجنة العليا لتطوير المناهج والكتب المدرسيّة لسلطنة عمان: (1978 ـ 1987).
رأى أن أول ما يواجه التربية الإسلاميّة والمربي المسلم هو: كيف نعدّ المعلم المسلم من حيث ثقافته وتفاعله مع الأحداث،  وتنمية حسّه الرسالي،  أو حسّ الرسالة فيه،  على اعتبار أن مهنة التربية والتعليم مهنة دعوة وتوجيه وإصلاح وقال: هناك هجمة غربيّة شرسة تحاول اقتلاعنا من جذورنا،  وتغزونا في مدارسنا،  ومؤسّساتنا الإعلاميّة المختلفة،  وعدم تبني المثقفين والمربين للإسلام فكراً ومحاسبة،  لأن التعليم عن طريق القدوة خير أنواع التعليم،  وأكد على ضرورة التعاون والتنسيق بين أوساط التربية والتوجيه،  من مؤسّسات بيتيّة وتعليميّة دينيّة وإعلاميّة في ميدان تربية الشباب،  وإعدادهم ووقايتهم من الأخطار التي تهدّدهم،  والإسهام في حل مشكلاتهم وتوجيههم نحو الأفضل .
ودعا للعودة إلى البديل الإسلامي القائد والموجّه قائلا: لقد جرّبت الأمة الكثير من المذهبيّات،  والإقليميّات،  والشعارات المستوردة،  في هذا القرن بعد أن استقلّت،  وخرجت قوات المستعمر العسكريّة،  فلم توصلها إلى حل قضاياها المصيريّة،  ولا إلى الوحدة الطبيعيّة المنشودة،  ولا يسرت معايشها الاقتصاديّة والماديّة،  فعزّزت بذلك عوامل الفشل لهذه المذهبيات مما أشعر الأمة بضرورة العودة إلى الإسلام .
ودعا إلى إيجاد عمل مؤسّسي،  وتبنّي المؤسّسات الفكريّة التي تنضج الفكر الإسلامي والثقافة الإسلاميّة،  من مدارس ومعاهد وجامعات،  ومراكز بحوث،  ومؤسّسات إقتصاديّة إسلاميّة،  ليكون للعمل الإسلامي عماد مادي،  وتبنّي المؤسسات الاجتماعيّة والعماليّة،  حتى يدخل الإسلام حياة الناس من خلال الأعمال،  ومجالات الحياة  المختلفة ؛ ورأى أن أهم إيجابيات العمل الإسلامي العام: مقاومة التبعيّة الثقافيّة للغرب،  وإيجاد وعي إسلامي عام،  والنجاح في تربية شباب الأمة،  والنجاح النسبي في تطوير الفقه السياسي الإسلامي .
وأن أوجه القصور والتحدّيات التي تواجه العمل الإسلامي العام: ضعف التنسيق العام بين العاملين للإسلام،  وقلّة استخدام عمليّات التقويم العلميّة في العمل الإسلامي العام،  والتحدي الإداري الداخلي للعمل الإسلامي،  وقصور المناهج التربويّة للعاملين في الحقل الإسلامي،  وضعف العمل المؤسسي داخل العمل الإسلامي العام من جهة،  والتقصير في الإسهام في بناء مؤسّسات المجتمع العام والتفاعل معها،  وعدم الاستفادة كما ينبغي من تكنولوجيا العصر في التنظيم والتخطيط والإدارة والمعلومات والتدريب والتنفيذ والتقويم وسائر مهارات العمل العام،  وعدم النجاح في جسر الفجوة بين العلماء والأمراء،  وبين المثقفين وأصحاب القرار،  وأرسى البناء التنظيمي لجبهة العمل الإسلامي التي انبثقت عن (جماعة الإخوان المسلمين)،  وأسهم في بناء المؤسّسات والأجهزة التابعة لها،  وتفعيل اللجان المتخصّصة،  واستكمال صياغة الخطاب السياسي والإعلامي في مرحلة التأسيس والانطلاق،  وساهم بشكل فعّال في تطوير أداء الجبهة داخل المؤسّسات الديمقراطيّة،  وخاصّة في مجلس النواب،  وهي محاولة معاصرة لإيجاد صيغة متطورة لعمل سياسي إسلامي شعبي يتجاوز مرحلة النخبة،  ويستوعب العناصر المثقفة  المؤمنة بالفكر الإسلامي،  القادرة على المشاركة في بناء المشروع النهضوي،  ورفض اعتبار الجبهة تنظيماً بديلاً لجماعة (الإخوان المسلمين) أو لغيرها،  وبذل همته في اعتماد النموذج الشوري الديمقراطي داخل مؤسّسات الجبهة،  لتكون نواة مجتمع إسلامي ديمقراطي ؛ واستخدام الأساليب المتطورة في إدارة التنظيم،  وتقييم الأداء،  والنقد الذاتي.
رأى أن أولويّات العمل الإسلامي لولوج القرن الحادي والعشرين أولويّة حركيّة: تتمثل في تبني منهج النقد الذاتي،  والتقويم العلمي،  والتطوير المستمر لآليّات العمل الإسلامي للحركات الإسلاميّة ؛ وأولويّة سياسيّة تتمثّل في: التخطيط الدقيق للمرحلة الحرجة التي يمرّ بها العمل الإسلامي من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة،  وتبنّي منهج الانفتاح السياسي والاصلاح التدريجي،  ونبذ الانغلاق وردود الفعل العنيفة،  وذلك بتبني هموم الناس وقضايا حياتهم وحاجاتهم من منظور إسلامي والمشاركة في العمل السياسي،  وتطوير الفقه السياسي الإسلامي عمليّاً عن طريق كسب الخبرة والممارسة الميدانيّة،  وبخاصّة فيما يتعلق بالحريّات العامّة والمطالبة بإشراك الناس في القرار السياسي،  وما يتعلق بتطبيق مبادئ العدالة الاجتماعيّة،  وتكافؤ الفرص،  والسعي للوحدة العربيّة،  وتعزيز العمل الإسلامي العالمي البعيد المدى لتحرير فلسطين،  ومواجهة المخطّطات الصهيونيّة العالميّة بمخططات إسلاميّة،  وأولويّة فكريّة وإعلاميّة واجتماعيّة واقتصاديّة وذلك بمواجهة الأزمات وإعادة النظر في دور المرأة المسلمة،  والعناية بالشباب،  والمطالبة بتحقيق العدالة في توزيع الثروات.
ألّف كتباً كثيرة في القضايا السياسيّة والإسلاميّة،  وكانت القضيّة الفلسطينيّة حاضرة في العديد من أبحاثه ودراساته،  أمّا كتبه التربويّة فقد كانت مرجعاً للباحثين.
:(مواقف وآراء سياسيّة في قضايا عربيّة وإسلاميّة) 2000،  وهو عبارة عن مقالات منشورة ضمّنها مواقفه وآراءه السياسيّة في مجمل القضايا الأردنيّة والعربيّة والدوليّة،  وتعتبر هذه المقالات القيّمة بمثابة شاهد عيان ومعاصرة لتأريخ هذه الأحداث،  ويكفيه أنه رصد الانهيارات المتلاحقة في النظام العربي،  وغياب الديمقراطية،  في معظم الأقطار،  ونبّه إلى الخطر الصهيوني،  وسياسة التهويد والاستيطان في فلسطين،  وله (نحو خطاب إسلامي معاصر) 2002،  و(الإسلام والعالم) 2003،  و(البعد الإسلامي للقدس والقضيّة الفلسطينيّة) 2003،  و(فلسطين والوعد الحق) 1994،  و(جبهة العمل الإسىلامي المبرّرات والمنطلقات والمشروعات) 1994،  وله كتب كثيرة معتبرة في حقل التربية منها: (التربية الإسلاميّة: أهدافها وسماتها وتحديات العصر لها) و(التربية الإسلاميّة بين الأصالة والمعاصرة) 1986،  و(مشكلات الشباب في ضوء الإسلام) 1979،  و(الشباب والتحديات الثقافيّة) الوقاية والعلاج 2003،  و(نحو صياغة إسلاميّة لمناهج التربية والتعليم) 1979،  و(أزمة التربية والتعليم في الوطن العربي من منظور إسلامي) 1986،  و(الموقف الإسلامي من المشاركة السياسيّة) 1991،  و(العلم والإيمان) 1972.
ترأس تحرير (مجلة الزرقاء للبحوث والدراسات) وهي مجلة علمية محكمة،  صدرت عن جامعة الزرقاء الأهلية بين عامي (1999 ـ 2003) ونشر فيها العديد من الدراسات.
وأشرف على ترجمة عدد من الكتب العلميّة والتربويّة لطلبة الجامعة،  وشارك في العديد من الندوات العلميّة والتربويّة،  وأشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه.
منحته وزارة التربية والتعليم الأردنيّة (وسام التربية الممتاز)،  ومنحه الديوان الملكي الأردني (وسام الاستقلال الأردني من الدرجة الأولى).
وكان موضع ثقة إخوانه ومحبتهم  بسبب إخلاصه لقضيّته وإيمانه بعدالتها،  داعية حب وتعاون بينهم.
رأى أن ازدهار الحركة الإسلامية هو ازدهار للأردن،  وأنّ ما حل بجماعة “الإخوان المسلمين” في الأردن من انقسام بمثابة “فتنة”،  وأن “أمن الأردن وأمن الحركة الإسلامية متكاملان ولا وجود لتناقض بينهما،  وعلى الذين يريدون شق الحركة الإسلامية من جميع الأطراف أن ينظروا بعيدا إلى تاريخ الحركة في الأردن وإلى دورها الإقليمي والدولي .. وقال: نحن في الأردن بجوار فلسطين،  لسنا في حاجة إلى مزيد من الفتن والمماحكات الداخلية.
وبعد حياة حافلة بالعطاء في ميادين الفكر والثقافة وتربية الأجيال وخدمة الدين والوطن،  انتقل إلى الرفيق الأعلى المفكّر الإسلامي الداعية ورجل الدولة الأمين الدكتور إسحق أحمد الفرحان،  صباح الجمعة 22 شوّال 1439 الموافق 6 تموز 2018،  وصلي عليه بعد صلاة الجمعة في مسجد الجامعة الأردنيّة،  ودفن بمدفن العائلة بمقبرة الحيران.
___________________________________________________________
(1) الحركات الإسلامية في الأردن وفلسطين ص 97  موسى زيد الكيلاني.  (2) ذكريات علي الطنطاوي ج 8  ص 146. (3) مجلة الأمة ع 34 س3 شوال 1403/ تموز 1983،  الواقع التربوي. (4) مواقف وآراء سياسية ص 209 إسحاق أحمد الفرحان. (5) صحيفة اللواء ع 1294 س 26 تاريخ 4/3/1998 محاضرة د. إسحق الفرحان في مقر جبهة العمل الإسلامي بإربد. (6) صحيفة الرأي 7/7/2018 وفاة اسحق الفرحان ..القيادي الإسلامي الحكيم،  د. صالح العبادي. (7) عربي 21 ـ 6/7/2018 وفاة المفكر الإسلامي والأكاديمي إسحق الفرحان في الأردن. (8) البوصلة 6/7/2018 الاستاذ الدكتور اسحق الفرحان في سطور. (9) قدس برس ـ المجد 22/2/ 2015 اسحق الفرحان يصف أزمة اخوان الأردن بأنّها فتنة.
أعلام الصحوة الإسلاميّة م 3............................. تأليف: محمد علي شاهين (تحت الطبع)

الزيارات: 1273