عبد الله بن فهد النفيسي

نشر بتاريخ: الجمعة، 09 آب/أغسطس 2019 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

إن الله ينفي الإيمان والعدل والاستقامة عن الذين يرفضون أو يعطلون تنفيذ أحكامه
(1365/1945 ـ معاصر)
مفكر إسلامي بارز، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت، وأستاذ في جامعة اكستر ببريطانيا (1980 ـ 1981) وجامعة العين في الإمارات (1981 ـ 1984) وأستاذ زائر للعلوم السياسية في جامعة (ستان فورد) ومعهد (هوفر) لدراسة الصراع في الشرق الأوسط في جامعة (هارفارد) وأستاذ زائر في جامعة بكين وموسكو، وعضو مجلس الأمة الكويتي عام 1985 عضو مؤسس في المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أمين عام للمؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني في الخليج.
ولد في الكويت، نال درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1967 ودرجة الدكتوراه من كلية (تشرشل) في جامعة (كمبردج) ببريطانيا عام 1972.


كتب في القضايا السياسية مؤلفات قيمة تميزت بالجرأة والواقعية والعمق، بلغت نحو ثمانية عشر كتاباً، لقيت القبول عند المثقفين والدارسين في العالم العربي منها: (دور الشيعة في تطوير العراق السياسي) و(الإطار السياسي والعسكري لمجلس التعاون الخليجي) و(إيران والخليج جدلية الدمج والنبذ) و(الإنزال العسكري الأمريكي في الخليج) و(الكويت الرأي الآخر).                                    
ونشر العديد من الأبحاث والدراسات الراقية ذات البعد الاستراتيجي في المجلات الفكرية والعلمية.
وحول وجوب قيام سلطة سياسية إسلامية رأى أن القرآن الكريم اشتمل على تشريعات عديدة سواء في موضوع الحكومة (الخلافة) أو حدود الطاعة أو الشورى أو صفات أولي الأمر أو العقوبات أو الزكاة أو العبادات وطالب بتنفيذها على الصعيدين الفردي أو الجماعي بما يتطلب ـ بالضرورة ـ تسليم القيادة السياسية لسلطة تقوم بتنظيم الجهد الفردي والجماعي لتنفيذ الشريعة على صعيد الواقع.
وأضاف قائلاً: إذا كانت الحاكمية في هذا الكون هي لله فإن محمداً (ص) هو ممثل هذه الحاكمية ؛ لذلك فإن طاعة الرسول (ص) من طاعة الله ولذلك نجد القرآن يؤكد هذه النقطة في كثير من الآيات:  (من يُطع الرسول فقد أطاع الله).
وخلص بالنتيجة التالية:
إن الأدلة من القرآن الكريم والسنة الشريفة وماذكره فقهاء الاسلام يوجب قيام سلطة سياسية بالمعنى العقائدي للكلمة، تدين بالإسلام ويتكامل فيها الولاء المطلق لنظامه وقيمه وشريعته وأحكامه.
وأن القرآن الكريم ينفي صفة الإيمان والعدل والاستقامة عن الذين يرفضون أو يعطلون تنفيذ أحكامه وتشريعاته سواء كانت على مستوى التشريع السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي.
ورأى أن أهم المعالم البارزة في الفقه السياسي الإسلامي جعله (القيادة) في الكيان الجديد (عقد مراضاة واختيار لا ينبغي أن يدخله أي إكراه أو إجبار) وأنه لايجوز أخذ البيعة من الناس بالاجبار أو الإكراه ؛ ولا تنعقد الخلافة ـ في الفقه الاسلامي ـ لأي شخص الا بمبايعة المسلمين له وهذه البيعة العامة هي التي تجعل الخلافة تنعقد، ولا يكون رئيس الدولة في الاسلام رئيساً لها الا برضى واختيار المسلمين، وحتى لو بويع فهو مقيد بعقد الوكالة التي أوكلها إياه المسلمون ؛ وبناء على ذلك يتضح بجلاء المركز القانوني لرئيس الدولة في الاسلام ؛ فهو مركز النائب والوكيل ؟ الوكيل عن الامة التي أنتجته نائباً عنها ليدير شؤونها وفقاً لمنهج الشرع الاسلامي ولتطبيق سائر الأحكام، واذا كان مركز رئيس الدولة في الاسلام هو مركز الوكيل فمن البديهي أنه يستمد سلطاته من موكله أي من الامة
.فالأمة في الاسلام هي مصدر السلطات ورئيس الدولة يباشر هذه السلطات باسم الامة وبهذا الاعتبار ـ فقط ـ ودون حق عضوي فيه ثابت ؛ وحيث أن علاقة الامة في الاسلام برئيس الدولة علاقة وكالة فهي التي اختارته، فمن حق الموكل في الشريعة الاسلامية أن يراقب وكيله ليطمئن على حسن قيامه فيما وكله فيه ؛ ومن حق الامة إذن مراقبة الحاكم لتقويمه إذا انحرف عن المنهج القويم وحاول أن يتسلط أو يتجبر ؛ وليست مؤسسة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمؤسسة عبادية أو شعائرية فقط، بل هي أساساً مؤسسة سياسية ـ اجتماعية ؛ جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث رواه أبو داود: (والله لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم).
من هذا يتبين لنا أن مقاومة الظالم الطاغية يعتبرها الاسلام عبادة وقربة من الله ؛ بل يقدر الفقهاء أنه نظراً لثبوت حق الامة في المشاورة فإن ترك هذا الحق من جانب رئيس الدولة موجب لعزله في الاسلام.
وتساءل قائلاً في معرض حديثه عن الحاكم الظالم: إذا كان الفسوق الشخصي في السيرة الخاصة معصية لله، والجور في الحكم، وأكل حقوق الناس بالباطل وتعطيل حرياتهم الشرعية من أكبر المعاصي عند الله، إلا أن الفسوق الشخصي يظل ضرره يدور في مدار فردي، بينما ظلم الناس والجور في الحكم وأكل حقوق الناس بالباطل والتميز عليهم فإن الضرر من وراء ذلك يصيب الجماعة كل الجماعة ويؤثر تأثيراً كبيراً على كيانها ؛ فإذا كان الحاكم يقرب شرار الناس ويمارس التجارة في الرعية ويأكل من المال العام مالا يحق له أن يأكل ويؤثر أقاربه على الناس ويعطيهم مالا يستحقونه في الشرع ويبغض الذين يقولون الحق ويؤلب عليهم الناس ويحاربهم ويعطل حرياتهم الشرعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويفتح البلاد للمفسدين ويشجعهم ويدعمهم بالمال ويفتح لهم آفاق الاعلان والاعلام حتى يشيع الفساد وتتخدر الأمة ويصير الناس سكارى لا يستطيعون أن يمارسوا إلا حريات الهبوط لا الصعود ؛ إذا كان الحاكم يسير بهذه السيرة وفوق هذا وذاك يعطل حدود الله ويوالي أعداء الله فهو كافر مهما صلى وصام وحج البيت الحرام وحمل من أسماء الاسلام.
وكانت له آراء متميزة في القضايا العربية والإسلامية وخاصة القضية العراقية، حيث تنبثق رؤيته عن معرفة شاملة بتاريخ العراق وتركيبته الاجتماعية والطائفية، وأوضاعه الاقتصادية، واطلاع واسع على المخططات الأمريكية والصهيونية.
رأى أن النفط مصدر قوة وليس مصدر طاقة لأمريكا، وأن من يملك نفط العراق يملك السيطرة على أوروبا واليابان، وأن من أهداف الاحتلال الأمريكي للعراق حماية أمن إسرائيل والحؤول دون تحالف عراق صدام حسين مع القاعدة، وأن الأمريكان لن يتركوا العراق حتى تحدث لهم كارثة، وأشار إلى تصريح (كلارك) بأن قرار احتلال العراق توصلت إليه الرئاسة الأمريكية قبل 11 إيلول 1991 ضمن خطة تشمل سورية وإيران وليبيا والسودان.
ودعا العرب إلى اليقظة والحذر من مؤامرة توطين الفلسطينيين في المنطقة الغربية من العراق، ومن صفقات بيع الأراضي الواسعة والعقارات لليهود في العراق، ومن تغلغل الشركات الإسرائيلية فيما يسمى إعادة إعمار العراق، ونبه من المنتجات الإسرائيلية التي تسوق في العراق وتسبب العقم للعراقيين، وأن هناك محاولات مكثفة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأن الأيام أثبتت بأن خبرة الأمريكان في الحروب غير النظامية متواضعة، ولذلك فهم يستعينون بالمدربين الإسرائيليين.
وحدد مواقع القواعد الأمريكية الخمس التي يبنيها الاحتلال في العراق: منطقة المثلث بجوار الأردن التي أطلق منها صدام حسين صواريخه باتجاه إسرائيل، وباشور في الشمال، وسعد الغربي قرب إيران، والناصرية، ومطار بغداد.
ودعا أهل السنة للالتفاف حول (مجلس شورى أهل السنة) وتعزيز هذه التجربة، واستهجن اعتقاد الأمريكان بأن أهل السنة في العراق هم سند النظام البائد.
وأشار إلى أن المقاومة عمل نشأ داخل العراق وهو يستند على مقولات شرعية تعتمد على عقيدة الولاء والبراء، ولم يبد استغرابه من وجود عناصر مدسوسة مهمتها تشويه وجه المقاومة.
وعلق على خبر نشرته (الجارديان اللندنية) حول قيام الإسرائيليين بتدريب الأمريكان على عمليات الاغتيال في العراق بقوله: الإسرائيليون ـ بطبعهم وتكوينهم التاريخي والثقافي ـ طفيليون يعتاشون على جهود الغير ودمائهم، ويتسللون دائماً عبر شقوق التاريخ لإشباع ساديتهم وجنون قسوتهم وجشعهم اللامتناهي في ثروات الغير وخيراتهم.
وحدد مصالح الإسرائيليين الاستراتيجية في العراق كما يلي: يستهدف الإسرائيليون في العراق: النفط، والماء، والأمن، وتوطين أكبر عدد من الفلسطينيين في العراق، والاستثمار ودمج العراق في ما يسمى (العملية السلمية) في الشرق الأوسط، والتماس البري المباشر مع إيران، ومراقبة الصحراء العراقية الغربية التي انطلق منها واحد وأربعون صاروخ (سكود) والتي حسب تقرير استراتيجي صادر من مركز (جافي) في الجامعة العبرية حولت تل أبيب ويافا وحيفا إلى مدن أشباح وهجرة معاكسة إلى خارج الكيان الصهيوني، نقول يطمح الإسرائيليون أن يقوم الأمريكان ببناء قاعدة عسكرية أمريكية في الصحراء العراقية الغربية لمنع استخدامها مستقبلا منطلقا لمنصات الصواريخ الموجهة للمدن الصهيونية. ولأن العراق واسع وشاسع ويعاني من الندرة السكانية تقريبا عشرون مليون نسمة يتوزعون على مساحة شاسعة من الكيلومترات المربعة ـ 438.446 ـ فلديه طاقة استيعابية كبيرة لمهاجرين جدد إلى أراضيه والكيان الصهيوني يطمح لتوطين أعداد كبيرة من الفلسطينيين في العراق، خاصة الذين يعيشون حاليا في مخيمات في لبنان وسوريا والأردن (بمساعدة وضغط من الأمريكان حال استقرارهم في العراق) لإسقاط مطالبتهم بالعودة إلى فلسطين في المستقبل.

___________________________________________________________
(1) موقع بوابة العرب، مقال د. عبد الله النفيسي: الجارديان اللندنية: الإسرائيليون يدربون الأمريكان على عمليات الاغتيال في العراق تاريخ: 14/12/2003. (2) موقع بوابة العرب، مقال د. عبد الله النفيسي: التجزئة بين الدين والدولة، تاريخ 22/1/2004.  (3) مقابلة الدكتور عبد الله النفيسي على فضائية قناة الجزيرة على هامش احتلال العراق.
أعلام الصحوة الإسلامية.

الزيارات: 1354