طال ليلك يا شعب فلسطين فمتى تقول كلمتك. ؟

نشر بتاريخ: السبت، 01 تموز/يوليو 2006 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

روعت مأساة فلسطين أحرار العالم عندما انتزع شعب آمن من أرضه، وارتكبت بحقه مجازر بشعة، وسرعان ما تحولت القضية الفلسطينية من قضية إنسانية إلى قضية إسلامية عندما هبت الشعوب المسلمة لحماية مقدساتها في فلسطين ونصرة شعبها لأن أخوة الإيمان عامل مهم في حشد القوى والطاقات، وكادت قوافل المجاهدين أن تعبر الحدود تلبية لنداء شعب فلسطين واستغاثتهم، لولا أن أسرعت دول الطوق بالتوقيع على معاهدات الهدنة ووقف إطلاق النار، فدخلت القضية في طور جديد، وراهن حكام العرب على جيش الانقاذ الذي ابتدعوه، وعلى قرارات الأمم المتحدة، وتحولت القضية عن مسارها الصحيح إلى نزاع حدودي. 

وتحت شعار تحرير فلسطين ومسؤولية ما جرى في فلسطين وقعت انقلابات عسكرية في مصر وسورية والعراق وليبيا والسودان، حتى اليمن لم يسلم من الانقلابات، واتهم القوميون الحكومات بالرجعية والتواطؤ مع العدو، وربط التقدميون التحرير بالحل الاشتراكي، واستنذفت الأموال لشراء السلاح على حساب التنمية، وفرضت حالة طوارئ على الشعوب العربية لا نهاية لها، وانتهكت حقوق الإنسان على نطاق واسع باسم القضية الفلسطينية. 

وتبين بعد نصف قرن أننا نسير خلف السراب، واعترف عبد الناصر وقد تعلقت به الآمال أنه لا يملك مخططا لتحرير فلسطين، وجيئ بالشقيري وعرفات، وعقد الملوك والرؤساء العرب لمنظمة التحرير لواء تمثيل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، ومضت عشر سنوات استفرد ممثلو السلطة الفلسطينية بالقرار الفلسطيني، وعقدوا الاتفاقات دون الرجوع إلى الشعب الفلسطيني ولم يستفتوه ولو مرة واحدة في قضاياه المصيرية. 

وجرت انتخابات حرة وديمقراطية فازت فيها منظمة حماس التي أبلت خلال سنوات الانتفاضة مع فصائل المقاومة البلاء الحسن بثقة الشعب الفلسطيني على برنامج واضح المعالم.

وكان من حق الشعب الفلسطيني على حماس أن تشكل الوزارة الفلسطينية ما دامت تتمتع بالأكثرية وفق التقاليد الديمقراطية المعروفة في العالم المتمدن لتنفيذ برنامجها.

ولم تخيب حماس الآمال فشكلت الوزارة الفلسطينية متمتعة بثقة المجلس التشريعي، وتنفس المخلصون الصعداء، وحسبوا أن القضية الفلسطينية سائرة في منعطف جديد وخاصة بعد أن تخلت إسرائيل عن تعهداتها، ولحست توقيعها في أوسلو ومدريد وشرم الشيخ، وباشرت بتهويد القدس وبناء جدار الفصل العنصري (الهجومي)، وظن المخلصون أن الحكومة الجديدة تملك سلطة محاسبة الفاسدين والقطط السمان الذين أوغلوا في المال العام، وأثروا على حساب الفقراء والبائسين. 

وكانت المشكلة المالية تمثل التحدي الأول الذي وضع أمام حكومة إسماعيل هنية، حيث تسلمت الحكومة خزائن فارغة وديون متراكمة، وامتنعت إسرائيل عن تسليم وزارة المالية الأموال التي تقتطعها لصالح الحكومة الفلسطينية، وتبلغ نحو أربعمائة مليون دولار وهو مبلغ كاف لدفع أجور الموظفين والعاملين عن الأشهر الأربعة الفائته، وامتنعت البنوك المحلية عن تحويل المساعدات والدعم المالي من الجامعة العربية والدول المانحة، وكادت سلطة المعابر أن تصادر الأموال التي حملها أبو زهري والزهار ووزير الإعلام الفلسطيني، لأنها ستساهم في حل جزئي للضائقة المالية، وكأنه ليس من حق الشعب الفلسطيني تلقي الدعم الخارجي الغير مشروط، دون التنازل عن الثوابت الفلسطينية التي بذل المخلصون الغالي والنفيس في سبيلها، وفدوها بالمهج والأرواح، ولم تبذل السلطة أية جهود لوصول أموال الدعم إلى الحكومة الشرعية، ولم تقدم أية مبادرات لحل الأزمة المالية، وشاركت في عملية الضغط على حماس لإظهارها بمظهر العاجز عن إدارة موارد الدولة و دفع رواتب الموظفين، ورضيت بأن تتسلم أموال الدعم الأوروبي لتكون البديل. 

وأشهرت السلطة سيف الاستفتاء العام على وثيقة الأسرى وكأنها الحل السحري للقضية لإحراج حماس أمام الرأي العام، والتمهيد لحل البرلمان، قبل أن تعطى حماس الفرصة الكافية لتنفيذ برنامجها، منتهزة أجواء الحصار الظالم والتجويع وخواء الميزانية، للالتفاف على خيار ممثلي الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والتأثير على الناخبين، ولو كلفها الاستفتاء الملايين التي هي بأمس الحاجة إليها، وكان على السلطة أن تبذل طاقتها لإطلاق سراح الأسرى حتى يدلوا بدلوهم في قضايا الوطن أحرارا من قيد السجن وظلامه.

وبينما كانت الفصائل الوطنية تقترب من الوصول إلى وثيقة تفاهم وتعاون للخروج من أزمتها، كانت إسرائيل تبحث عن سبب للتدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي. 

وما أن قام المقاومون بخطف جندي إسرائيلي في معبر سالم حتى قامت الدنيا ولم تقعد، وانقض جيش الدفاع الإسرائيلي على غزة التي اختارت مشروع حماس.

وجاء الوسطاء العرب والأجانب من كل حدب وصوب بمبادراتهم (الخيرة) لتحرير جندي إسرائيلي مدلل، غير عابئين بمشاعر عشرة آلاف معتقل يقبعون في سجون الاحتلال حيث تنتهك حقوقهم الإنسانية صباح مساء، ولا بمأساة أسرهم التي تعيش حالة بؤس وحصار.

ذلك لأن إسرائيل في غياب المعتصم والحجاج قد أصابها الغرور في زمن العجز العربي حتى أنها كانت تتبادل بكل حفنة من جثث قتلاها مئات الجنود والضباط الأسرى العرب تحت علم الأمم المتحدة، إمعانا في إهانتنا والتقليل من شأننا. 

فهل نستغرب أن تتبادل إسرائيل بجندي واحد آلاف الأسرى لنجدد أحزاننا وننكث رؤوسنا الفارغة في التراب. 

طال ليلك يا شعب فلسطين فمتى تقول كلمتك. ؟ 

وطوبى للغرباء 

1/7/2006 

الزيارات: 1338