الكافور Cinnamomum camphora

نشر بتاريخ: الجمعة، 02 أيلول/سبتمبر 2016 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

شجرة عطريّة معمّرة عملاقة قد يصل طولها 50 متراً، وتنتشر زراعتها في شرق آسيا وأستراليا.
واقترن ذكرها في القرآن بطيب الرائحة، قال تعالى: ( إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا(  أي أنّ الذين بروا بطاعتهم ربهم في أداء فرائضه ، واجتناب معاصيه ، يشربون من كأس كان مزاج ما فيها من الشراب في طيب رائحتها كالكافور.
وقد قيل : إن الكافور اسم لعين ماء في الجنة
ووصف داود بن عمر الانطاكي شجرة الكافور بأنّها شجرة عظيمة هنديّة، تظل مائة فارس ولا يوصل إليها إلا في وقت معلوم من السنة، وهي بحريّة وخشبها خفيف أبيض، فينقر أعلى الشجرة فيسيل ماء كثير عدّة جرار، ثم ينقر أسفل الشجرة فيسيل منها قلح الكافور وهو صمغها، وأجودها المقاصيري وهو يابس لطيف يفتح السدد ويقوي الاعصاب والدماغ والحواس والكبد والقلب.(1)


وأفاض ابن البيطار في "الجامع لمفردات الأدوية والأغذية" في الحديث عن نبات الكافور، ونقل عن طائفة من العلماء وصف النبات، وفوائده الطبيّة والعلاجيّة، ومنهم: "ابن واقد: قال المسعودي رحمه الله ببلاد فنصورا جزيرة سرنديب (سيلان) وإليها يضاف الكافور الفنصوري والسنة التي تكون كثير الصواعق والرجف والقذف والزلازل يكثر فيها الكافور وإذا قل ذلك نقص وجوده وقال في جبال بحر الهند والصين يكون شجر الكافور.
وقال ابن سينا: الكافور أصناف الفنصوري والرباحي ثم التاردف الأزاد والأسفرل والأزرق وهو المختلط بخشبه والمتصاعد عن خشبه.
وقد قال بعضهم أن شجرته تظلل خلقاً وتألفه النمورة فلا تصل إليها إلا في مدة معلومة من السنة وهي سفحية بحرية على ما زعم بعضهم وأما خشبه فقد رأيناه كثيراً وهو خشب أبيض هش جداً خفيف وربما اختبأ في خلله شيء من أثر الكافور.
وقال إسحاق بن عمران: الكافور يجلب من سفالة ومن بلاد كلاه والزانج وهريج وأعظمه من هريج وهي الصين الصغرى، وهو صمغ شجر يكون هناك ولونه أحمر ملمع وخشبه أبيض رخو يضرب إلى السواد، وإنما يوجد في أجواف قلب الخشب في خروق فيها ممتدة مع طولها فأولها الرباحي وهو المخلوق ولونه ملمع ثم يصعد هناك فيكون منه الكافور الأبيض وإنما سمي رباحياً لأن أول من وقع عليه ملك يقال له رباح واسم الموضع الذي يوجد فيه فنصور فسمي الفنصوري، وهو أجوده وأرقه وأبقاه وأشده بياضاً وأجله جلالاً وأجل ما يكون فيه مثل الدرهم ونحوه، وبعده كافور يدعى الفرفون وهو غليظ كمد اللون ليس له صفاء الرباحي وهو ما كان دون الجلال وقيمته أقل من قيمة الرباحي، وبعده كافور يقال له الكوكثيبت وهو أسمر وثمنه دون ثمن الرباحي، وبعده اليالوس وهو مختلط فيه شظايا من خشب الكافور مرسم مصمع على قدر اللوز والحمص والفول والعدس، وتصفى هذه الكوافير كلها بالتصعيد فيخرج منها كافور أبيض صفائح يشبه في شكله صفائح الزجاج التي تصعد فيها ويدعى المعمول، وقد يكون في الياولس وفي الكوكسيبت ما يخرج من المن رطل مصعد ورطل ونصف وهو أوسط الكوافير ثمناً، وقد يدخل الكافور في الطيب كله ما خلا الغالية والعنبر والذرائر الممسكة وهو بارد يابس في الدرجة الثالثة نافع للمحرورين وأصحاب الصداع الصفراوي إذا استنشقوا رائحته مفرداً أو مع ماء الورد والصندل معجوناً بالماء ورد نفعهم أعضاءهم وحواسهم وإذا أديم شمه قطع شهوة الجماع وإذا شرب كان فعله في ذلك أقوى وإذا استعط منه بوزن شعيرتين مع ماء الخس كل يوم قطع حرارة الدماغ ونوم وذهب بالصداع وقطع الرعاف وحبس الدم المفرط.
وقال ماسرحويه: أخذ رجل من معار في ستة مثاقيل كافوراً في ثلاث مرات ففسدت معدته حتى لم يعد يهضم البتة وانقطع عنه الباه بواحدة ولم يعرض مرض غير هذا فقط.
وقال مسيح: يقطع الرعاف إذا استعط به مع عصير البسر الأخضر. الرازي: بارد لطيف ينفع من الصداع والأورام الحارة في الرأس ولجميع البدن والإكثار منه ومن شمه يسهر وإن شرب برد الكلى والمثانة والأنثيين وأجمد المني وجلب أمراضاً باردة في هذه النواحي.
وقال في الحاوي: قيل في الطب القديم إنه يعقل البطن ويسرع بالشيب.
وقال البصري: فيه أحداد يسير وينفع المحرورين إذا أصابهم الدم من حرارة مفرطة وإذا خلط منه كمية يسيرة مع أدوية كثيرة يعقل البطن المستطلق من الصفراء ونفع من إسهالها.
وقال صاحب التجربتين: الكافور ينفع من سوء المزاج الحار في العين كيفما استعمل وإذا خالط الأدوية الحارة المكتحل بها كف غائلتها عن العين وسكن حدتها عن العين، وإذا قطر في الأنف محكوكاً بماء الكزبرة الرطبة قطع الرعاف الدماغي وإذا حل في دهن الورد وقطر في الأنف نفع من سوء المزاج الحار دون المادة المتولدة  في الأصداغ والعين وعلامته أنه يأخذ عند طلوع الشمس ويزيد مع ارتفاعها وينحط بانحطاطها ويرتفع بالليل وسببه المشي الكثير في الزمن الحار ثم كشف الرأس في هواء بارد فتنسد المسام ويبقى سوء المزاج محتقناً وإذا خلط بدهن الورد والخل وطلي به مقدم الرأس نفع من الصداع الحار ولا سيما للنفساء.
وقال ابن سينا: ينفع الأورام الحارة طلاء ويمنع من القلاع نفعاً شديداً ويولد الحصاة في الكلى والمثانة شرباً ويقع في أدوية الرمد الحار.
وقال في الأدوية القلبية له خاصية قوية في ملاءمة جوهر الروح يغلب برده إذا اعتدل مقداره وربما أعانها تبريده في الأمزجة الحارة وإذا كان سوء المزاج بسبب ضعف جوهر الروح وتحلله وأما عطريته فهي معينة بالخاصية مقوية ملطفة بحسب مزاج دون مزاج، وقد يعدل تبريده بالمسك والعنبر وتجفيفه  بالأدهان المحللة العطرية الرطبة مثل دهن الخيري والبنفسج وهو ترياق وخصوصاً للسموم الحارة وتستفيد منه الروح لطافة ونورانية شديدة وبذلك تقوى وتفرح والكهرباء يشاركه في هذا المعنى مشاركة ما إلا أن الكافور أقوى خاصية واستيلاء. وقال غيره: يمنع إن تتسع مواضع التآكل في الأسنان إذا تحسى به وهو عجيب في ذلك."(2)
زيت الكافور:
الزيت المستخرج من تقطير ثمرة شجرة الكافور مطهّر للماء والبشرة، ولذلك يستعمل في تعقيم مياه الشرب، ومكافحة البكتريا والميكروبات والفطريات التي تصيب البدن، والمساعدة على التئام الجروح، والقضاء على حشرات الشعر (القمل)، وتعمل رائحته القويّة على ازالة الاحتقان من الحلق، وفتح المجاري التنفسيّة، ويستخدم كمهدئ للجهاز العصبي، ومنشّط للدورة الدمويّة ومعالجة آلام المفاصل والروماتيزم، ويدخل في تركيب الصناعات التجميليّة والعطور ومزيلات العرق.  
ملاحظات هامّة:
إنّ زيادة الجرعة من زيت الكافور قد تؤدي إلى التسمّم، وليحذر مرضى الحساسيّة والنساء الحوامل من استخدامه، ويقال أنّ له أثراً مثبطاً للعمليّة الجنسيّة، ويجب الامتناع عن المنتجات ذات المنشأ الكيماوي، والالتزام بنصائح الطبيب.


المراجع:
1 ـ تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب ص 26 داود بن عمر مخطوطة جامعة الرياض.
2 ـ الجامع لمفردات الأدوية والأغذية ص 349 ابن البيطار.

الزيارات: 3418