الأشعري
أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق
(260/874 ـ 324/936)
ناصر السنّة، إمام المتكلّمين، مؤسّس السنّة المتفلسفة.
يمني الأصل ينسب إلى الأشعر أخي حمير بن سبأ، ويعود نسبه إلى جدّه أبي موسي الأشعري، صاحب رسول الله (ص).
ولد في البصرة، نشأ في حجر زوج أمّه أبي علي محمد بن عبد الوهاب الجبائي شيخ المعتزلة ببغداد، وتلقي علومه عليه، وعلي أبي خليفة الجمحي، وزكريّا الساجي، وسهيل بن نوح، وطبقتهم، حتى تصدّر المعتزلة، فكان ينوب عن الجبائي في مجلس الدرس، لحضور بديهته وطلاقة لسانه.
ثم تحوّل إلي عقيدة أهل السنّة بعد رحلة طويلة من الاعتزال استمرّت أربعين سنة، وانقلبت مواهبه للدفاع عنهم، والردّ على المعتزلة.
وكان عجباً في الذكاء، وقوّة الفهم، صاحب موهبة وقريحة في المناظرة والاستدلال، شديد العارضة، قويّ الحجّة، جريئاً صريحاً في نقده.
قال الذهبي: ولما برع في معرفة الاعتزال كرهه وتبرأ منه وصعد للناس فتاب إلى الله تعالي منه وقال: "من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي، أنا فلان بن فلان، كنت أقول بخلق القرآن، وأنّ الله لا تراه الأبصار، وإنّ أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع، معتقد الرد على المعتزلة، مخرج لفضائحهم ومعايبهم .. الخ."
ودفع إليهم كتابه (اللمع) الذي أودع فيه اعتقاده، ثم أخذ يرد علي المعتزلة ويهتك عوارهم.
قال الفقيه أبو بكر الصيرفي: كانت المعتزلة قد رفعوا رؤوسهم حتي نشأ الأشعري فحجرهم في أقماع السمسم .
وعن ابن الباقلاني قال: أفضل أحوالي أن أفهم كلام الأشعري ؛ وردّ علي أهل الزيغ والطغيان، وأهل المنطق والدهريين والفلاسفة والخارجين علي السنّة، وردّ علي الملاحدة وسائر أصناف المبتدعين، نفي التشبيه، وأثبت الصفات المعنويّة، وكمّل العقائد في البعثة، وأحوال الجنّة والنار، والثواب والعقاب .
ولمّا أنشأ وزير السلاجقة نظام الملك المدارس النظاميّة في بغداد وحواضر العالم الإسلامي، صار مذهب الأشعري يدرّس فيها.
كثر أتباعه، وانتهت إليه رئاسة الدنيا في الكلام، واقتفي طريقته الأشعريّة ، وهم "طائفة من أهل السنّة والجماعة، توسّطت بين المعتزلة والحشويّة، اعتمدت علي القياس العقلي من غير تطرّف، وحاولت التوفيق بين العقل والنقل، و قالت بأزليّة صفات الله تعالي، وأنّ علمه واحد يتعلّق بجميع المعلومات، وإرادته واحدة قديمة أزليّة متعلقة بجميع المرادات، ولا تأثير للقدرة الحادثة في الأحداث، وجواز رؤية الله تعالي، وأنّ مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار، وكرامات الأولياء حق، وأنّ ما ورد من الأخبار عن الأمور المستقبليّة في الآخرة حق يجب الاعتراف بها، وإجراؤها علي ظاهرها، وأنّ القرآن معجز من حيث البلاغة والنظم والفصاحة، وعند أصحاب الأشعري معجز بالصرفة، وأنّ الإمامة تثبيت بالاتفاق والاختيار دون النص والتعيين، ولا تقول في عائشة وطلحة والزبير إلاّ أنهم رجعوا عن الخطأ".
ومن أشهر نجباء تلاميذه: الباقلاني، والجرجاني، والقشيري، وإمام الحرمين الجوّيني، وأبي حامد الغزالي
عدّ له ابن حزم من التصانيف خمسة وخمسين تصنيفاً، وقيل تبلغ ثلاثمائة مصنف، تقضي له بسعة العلم منها: (مقالات الإسلاميين) و(اختلاف المصلين) و(الإبانة في أصول الديانة) وعليه يعتمد أصحابه في الذب عنه عند من يطعن عليه، و(الفصول في الردّ علي الملحدين) في اثني عشر كتاباً، و(اللمع في الرد على أهل الزيغ) و(التبيين على أصول الدين) و(الموجز) و(إيضاح البرهان) و(الفنون في الردّ علي الملحدين) وله: (تفسير القرآن).
توفي ببغداد، ودفن بين الكرخ وباب البصرة.
______________________________________________________________
(1) شذرات الذهب ج 2 ص 302 لعبد الحي بن أحمد ابن العماد العكري. (2) سير أعلام النبلاء ج 15 ص 85 شمس الدين محمد الذهبي. (3) طبقات الشافعيّة ج 1 ص 72 جمال الدين عبد الرحيم الأسنوي. (4) وفيات الأعيان ج 1 ص 586 لأحمد بن محمد ابن خلّكان. (5) مقدمة ابن خلدون ص 464 عبد الرحمن بن خلدون. (6) هديّة العارفين م 1 ص 676 إسماعيل الباباني.(7) الملل والنحل ص 94 محمد بن عبد الكريم الشهرستاني. (8) موسوعة عباقرة الإسلام ص93 د. محمد أمين فرشوخ.