مقالات
الشيطان الأخرس
يخطئ من يظن أن روسيا لم تكن ضالعة في تقسيم المشرق العربي، ويقع في مغالطة كبيرة من يعتقد بأنّ وزير خارجيّتها لم يجلس على طاولة التقسيم مع وزيري خارجيّة بريطانيا وفرنسا، ولا ينسى نصيبه من الجهل كل من يغفل إدراج اسم الوزير (سيرجي سيزانوف) في تسمية الاتفاقيّة المشؤومة المشهورة باسم (سايكس بيكو).
وكان من سوء حظّ من كان في نصيب روسيا القيصريّة ومناطق نفوذها بموجب (اتفاقيّة سايكس بيكو سيزانوف) القهر والمعاناة، إلا أنّ قصر تلك الفترة، وقيام الثورة البلشفيّة في عام 1917، والاستيلاء على مقدّرات الشعوب المسلمة الممتدّة مساكنها من القوقاز إلى سور الصين خلال الفترة المظلمة من سيطرة الاتحاد السوفييتي عليها، صبغ صورة تلك الفترة البائسة بالاستبداد وقمع الحريّات والتخلّف الاجتماعي والاقتصادي.
قوموا فصلّوا على اخيكم أصحمة
{لو خرجتم إلى أرض الحبشة ، فإن فيها ملك لا يظلم عنده احد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه.}
لقد اشار المصطفى صلى الله عليه وسلم على أصحابه بالهجرة إلى الحبشة ،وهو يراها بعين الأمل والاطمئنان ،أرض عدل فيها ملك عادل، والعدل مبتغى المظلومين والأمن مطلب الخائفين ،والهجرة فرارا بالدين والنفس والمعتقد ،شرعة ظلّت على مدار الزمان ،نهجا يتبعه المستضعفون ،كلّما خانتهم القوّة وغلبهم على أمرهم الطغاة والظالمون، ولكنها كثيرا ما كانت طريقا للفتح والتمكين ،ونشر الفكرة التي من أجلها يرتحل الناس من اوطانهم وبيوتهم وأهليهم ،ابتغاء وجه الله.