الانقلابات العسكريّة.. النموذج السوري

نشر بتاريخ: السبت، 04 تموز/يوليو 2020 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

لا يعني انتقادنا للانقلابات العسكريّة التي جلبت للعرب الهمّ والحزن، أن نحرم شعوبنا المتعطشة للإصلاح، وفي مقدمتها أبناؤنا في القوّات المسلّحة من حقّهم الطبيعي في إصلاح الأوضاع الشاذّة، وتسليم الحكم للمدنيين، كما حدث في السودان في عهد المشير سوار الذهب بعد سنة واحدة من الانقلاب، لا كما وعد الأسد الأب فيما سمي بالحركة التصحيحيّة، فحكم البلاد السوريّة حكماً مطلقاً ثلاثين سنة مثل سنين إيلياء لم يستجب لنا فيها دعاء، وأورثنا ابنه فحكم ثلاثة أمثال سنين يوسف.

اتحفتنا المؤسّسة العسكريّة في سوريّة وليبيا ومصر بنكرات، لا يعرف لهم نسب ولا حسب، ولا يعرف جدهم الأوّل، ولا دين أمّهاتهم اللاتي ولدنهم، وتربّى بعضهم في حارات اليهود. 

قفزوا في سلّم الترفيعات بين يوم وليلة بقدرة قادر، من طبقة صغار الضبّاط إلى أعلى الرتب العسكريّة دون مؤهّلات، فقادوا معاركنا نحو الهزيمة، وسلّموا أجزاء غالية من أرض الوطن للأعداء.

لم يدرسوا على العلماء، ولم يحصلوا على القدر الكافي من التعليم، ولم يؤمنوا بمنطق الحوار، لأنّهم تربوا على قاعدة "نفّذ واعترض".

متعطّشون للسلطة، متعطّشون لجمع المال الحرام، متعطّشون للدماء، متعطّشون لتوريث أبنائهم. 

 

منحازون لطائفتهم بشكل أعمى، وولاؤهم للأجنبي الذي يتستر على نهب المال العام، وعلى انتهاكاتهم لحقوق الإنسان.

كرّسوا التجزئة، والطائفيّة، وحكم الأقليّة، وزوّروا الانتخابات بشكل متقن، حتى أصبحت نتائج الانتخابات في بلادنا أضحوكة العالم. 

وهذا هو النموذج السوري:

أشبعنا الدعي وابنه وحزبه وطائفته التي تؤويه كلاماً فارغاً عن الصمود والتصدي والمقاومة، حتى أصبحنا نشعر بأنّ هؤلاء يعانون من داء الفصام (الشيزوفرينيا) الذي يجمع بين الوطنيّة والخيانة بآن واحد. 

وادعى صاحبنا بأنّه الطبيب المداوي لجراح وطننا فقلنا له كما علّمنا نبي الله عيسى عليه السلام: "أيّها الطبيب اشف نفسك قبل أن تدّعي شفاء غيرك" ، كثرت في عهدك الأرامل، والأيتام، والأيامى، وانتشر مرض السل واللشمانيا والكورونا في مخيّمات اللاجئين.  

وارتفعت معدّلات التشوّهات الولاديّة، وزاد عدد الأطفال المنغوليين، وأعداد حالات الإجهاض بين الحوامل، وارتفعت الإصابة بالأمراض الوراثيّة بسبب زيادة نسبة التلوّث الشعاعي، واليورانيوم المنضّد، واستنشاق الأمّهات الغازات السامّة. 

ألم يعترف حليفك الروسي بكل صفاقة أنّه جرّب في حربه على شعبنا جميع أسلحته الفتاكة، وكأنّ بلادنا حقل تجارب لمصانعه الحربيّة، وجعلتنا ندفع ثمن هذا التحالف.

سلّمت روسيا مقدّرات الوطن، وأرضاً طيّبة وكنوزاً عظيمة لتحمي نفسك من غضبة شعبك، فجلبت العار لمن ينحاز إليك. 

ومن يضمن أن تعيد روسيا البلاد السوريّة لشعبها، بعد أن تمتعت بجمال سوريّة وسحرها وغناها وطيب هوائها وأهميّة موقعها، وأنّ روسيا لن تتورّع عن دفن نفاياتها النوويّة في أرضنا الطيّبة التي منحتها لها.  

كيف تجرؤ على تسليم أرض الصوافي والشواتي والثغور الشاميّة (الثغور البحرية هي سواحل جند حمص: أنطرطوس وبلنياس واللاذقية وجبلة والهرياذة) التي سكنها الصالحون لحمايتها من الغزاة والطامعين، لروسيا الصليبيّة وإيران الفارسيّة.

ثغور الإسلام التي تجري المقايضة عليها ظلّت عصيّة على الروس والصليبيين منذ الفتح الإسلامي وستبقى عصيّة، لأننا قوم نؤمن بأنّ المرابطة في الثغور فرض كفاية، وفرض عين إن هجم العدو، وأنّ من مات مرابطاً يجري أجره كالشهيد، ويأمن من فتنة القبر، ومن أجل ذلك كان صالحو المؤمنين، يُرابطون في الثغور، مثل: الأوزاعي، وأبو إسحاق الفزاري، وإبراهيم بن أدهم، وعبد الله بن المبارك، ويوسف بن أسباط وغيرهم.

وما القلاع والحصون الممتدّة من أنطاكية إلى عسقلان، إلاّ رمز مقاومتنا للغزاة والطامعين ببلاد الشام، مهما اشتدّ الخطب وطال ليل التآمر على بلاد الإسلام.

وطوبى للغرباء                                                  رئيس التحرير

1/7/2020                                                    محمد علي شاهين              

 

الزيارات: 3338