عبد الرحمن بن محمد حسن سوار الذهب

نشر بتاريخ: الثلاثاء، 06 تشرين2/نوفمبر 2018 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

فضّل أن يكون مواطنا في بلد حر على أن يكون إمبراطورا يقود شعبا مقيدا بالأغلال

(1353/1934 ـ 1440/2018)
رئيس الجمهورية السودانية الأسبق (6/4/1985ـ 6/5/1986)، رئيس مجلس أمناء (منظمة الدعوة الإسلامية) كبرى المنظمات الإنسانية والدعوية في القارة الإفريقية، رئيس المجلس الأعلى العسكري الانتقالي، والقائد العام للجيش والقوات المسلحة السودانية الأسبق، ووزير الدفاع.
ولد في الأبيض، عاصمة إقليم كردفان، ينتمي إلى أسرة متدينة مشهورة في السودان، تنتمي في أصولها إلى سيدنا عبد الله بن عباس، هاجر جده من مكة إلى جنوب مصر ثم استقر في شمال السودان، وهو الذي أدخل رواية أبي عمرو الدوري إلى السودان.

ولد في مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، نشأ ملتزما بالتعاليم الإسلامية، ومتمتعا بالفضائل الدينية.
أحب الجندية وعشق الفروسية ؛ وتطوع في الجيش السوداني، والتحق بالكلية الحربية سنة 1373/1954 وتخرج منها ضابطا سنة 1375/1956، والتحق بعدة دورات عسكرية متقدمة في بريطانيا، و دورة في الكلية العسكرية الأردنية، وأكاديمية ناصر العسكرية العليا في القاهرة، وترقى في مناصبه العسكرية إلى رتبة مشير.
وخلال دراسته في الأردن وقعت أحداث دامية بين الجيش الأردني وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية، فكان له دور رئيسي في إنقاذ الرئيس ياسر عرفات من الحصار، ونقله بسيارته إلى المطار. 
رفض تسليم حامية مدينة الأبيض العسكرية عندما كان قائدا لها عند انقلاب الرائد هاشم العطا في عام 1971 حتى استعاد الرئيس النميري مقاليد الحكم بعد ثلاثة أيام.
 
عمل ملحقا عسكريا في أوغندا، وتولى قيادة العمليات العسكرية عام 1984 في جنوب السودان، وتسلم وزارة الدفاع في آخر حكومة شكلها الرئيس السوداني جعفر النميري، وعينه قائدا عاما للقوات المسلحة، وكان أقرب المساعدين العسكريين له.
وفي أعقاب الانتفاضة الشعبية  قاد انقلابا عسكريا أبيض، وأطاح بحكومة جعفر النميري في 16/7/1405 الموافق 6 /4/1985 إنقاذا للبلاد من الفوضى، والحرب الأهلية، وتجنيبا للجيش من مواجهة المدنيين الرافضين حكم الفرد، وتصحيحا للأوضاع السياسية والاقتصادية المنهارة، والاجتماعية الشاذة، والفساد والمحسوبية، والممارسات الخاطئة التي أوصلت البلاد إلى حافة اليأس والدمار، وخاصة بعد افتضاح قضية تهريب الفلاشا من الحبشة إلى إسرائيل عن طريق السودان، وما أشيع عن دفن النفايات النووية في أرض السودان.
وتحدث عن خلع النميري فقال: لم أتخذ قرارا متعجلا لكني تدارست الأمر مع رئاسة الجيش ووحداته وكان قرار الثورة بالاجماع ؛ وقال: التقيت بالقوات ذات الولاء للنميري وشرحت لهم الموقف فاقتنعوا بضرورة الانحياز للشعب.
وعد بتسليم الحكم للمدنيين خلال عام واحد، ونفذ وعده بإجراء انتخابات حرة في 16/8/1406 الموافق 25/ 4/1986  وإعداد الدستور، ونقل السلطة إلى حكومة منتخبة انتخابا حرا من المدنيين في الموعد المحدد ؛ وأعاد الجيش إلى ثكناته، ليقوم بمهمة الدفاع عن حدود السودان الذي يدعم الغرب انفصال جنوبه، ويتآمر على وحدة ترابه الوطني.
وكان حريصا على أن يتمتع الشعب السوداني بالحكم الديمقراطي والعدالة التي فقدها خلال 16 سنة من التعسف والظلم، ولم يكن من الحكمة أن يتخلص الناس من نظام فاقد للديمقراطية إلى آخر أكثر ديكتاتورية.
وهذه ظاهرة تستحق التقدير والإعجاب في العالم الإسلامي ودول العالم الثالث التي يتلاعب بمقدراتها الانقلابيّون العلمانيون المتعطشون للسلطة والمجد.
يقول الكاتب مجدي كامل حسين: لقد أعطى سوار الذهب درسا لكل حاكم تغريه السلطة ويفسده السلطان، إنه مثل للتجرد والتضحية ونكران الذات في أمة عربية تصرخ ألما من الأطماع الشخصية للحكام، وتزييفهم لإرادة شعوبهم من خلال انتخابات مزيفة، والتشبث بمقاعد الحكم، وتعديل الدساتير ليبقوا في السلطة مدى الحياة طغاة، جبابرة مستبدين في الوقت الذي يؤكدون فيه ليل نهار حرصهم على الديمقراطية.
وقال: لم يكن سوار الذهب كباقي قادة الثورات في دول كثيرة يتحدثون عن الحرية ويقصدون الاستبداد، ويعدون بالديمقراطية وهم ينوون الطغيان، وإنما كان صادقا فيما وعد، ولم يقطع على نفسه عهدا إلا ونفذه على أكمل وجه وفي موعده المقرر.
وفضل أن يكون مواطنا عاديا في بلد حر على أن يكون إمبراطورا يقود شعبا مقيدا بالسلاسل والأغلال.
إلا أن بعض الأحزاب السودانية لم تقدر خطورة المرحلة، بعد تسليم السلطة إليها، وأخذت تمارس نوعا من الفساد باسم الديمقراطية، مما أعاد البلاد إلى مسلسل الانقلابات العسكرية من جديد.
أدرك أن الاستعمار وجد في أفريقيا بلادا يسود فيها الإسلام، وتقوم فيها دول إسلامية فوضع خطة محكمة لتغيير الهوية الإسلامية الأفريقية بهوية مسيحية عن طريق التبشير بالديانة المسيحية، وتولى قضية التعليم، وأوكل السلطة بعد رحيله إلى الأقلية المسيحية.
وانتقد الجامعة العربية التي كانت تدغدغ عواطف الشعوب العربية، بأنها لم تحقق الهدف الأسمى الذي قامت من أجله وهو قيام وحدة عربية شاملة.
وحمل مشكلة الجنوب ما يعانيه السودان من فقر وتخلف اقتصادي، وعدم استقرار سياسي ؛ وعقد مؤتمرا وطنيا للحوار الوطني لمناقشة قضية الجنوب، استقر فيه الرأي على حق الأقاليم والمديريات في تطبيق الشريعة أو عدم تطبيقها.
وانصرف بعد استقالته إلى الدعوة، وتقديم الخدمات الإنسانية لضحايا الجفاف والمهجرين، ورعاية شؤون اللاجئين، وطالب بمد يد المساعدة للمنكوبين بالفيضانات الجارفة المدمرة سنة 1409/1988.
وشارك في العديد من المؤتمرات العلمية والندوات السياسية والفكرية، وأعاد تنظيم حملات الإغاثة والدعم، ونشر الإسلام في القارة الإفريقية، من خلال منظمة الدعوة الإسلامية.
وعندما استعرت الحرب الغبية بين الحكومتين العراقية والإيرانية، التي أزهقت فيها الأرواح، وأهدرت فيها الأموال، وتكبد بسببها الشعبان الشقيقان ويلات الحرب والدمار، ترأس الجماعة الأهلية لتعزيز جهود وقف إطلاق النار.
وطرح مبادرة وطنية لتحقيق الوفاق والمصالحة بين القوى السياسية في الحكومة والمعارضة، وترأس (هيئة توحيد الصف الوطني) التي قامت بجهد مشكور لحل مشكلة دارفور.
وكرس نفسه لخدمة العمل الدعوي والخيري في أفريقيا، وتعزيز التضامن العربي بين الأشقاء، وكان داعية وحدة ومحبة ووئام بين أبناء السودان في الشمال والجنوب.
 
توفى في المستشفى العسكري بالرياض يوم الخميس الموافق 18/10/2018، ونقل إلى المدينة المنوّرة، ودفن بالبقيع بناء على وصيّته.
___________________________________________________________
 (1) مجلة المجتمع س 20 ع 941 تاريخ 14 نوفمبر 1989 حوار مع المشير عبد الرحمن سوار الذهب، حاوره محمد عبد الهادي. (2) مجلة المجتمع س 30 ع 1352 تاريخ 1/6/1999 حاوره: شعبان عبد الرحمن. (3) متابعة حركة عبد الرحمن سوار الذهب في وسائل الإعلام العربي. (4) الخروج من السلطة ص 185 مجدي حسين كامل.
أعلام الصحوة الإسلامية:............................................................... تأليف محمد علي شاهين.

الزيارات: 1647