عبد البديع صقر
شارك في نهضة الخليج وغرس غرساً طاب ثمره
(1334/1915 ـ 1407/1986)
داعية إسلامي قدير، أحد نجباء مدرسة الإمام الشهيد حسن البنا، وأحد آباء الجماعة ورجالها المؤسّسين، مستشار حاكم قطر سابقاً، ومدير دار الكتب القطريّة.
ولد في قرية بني عياض، عزبة صقر، التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقيّة بمصر.
تتلمذ على يد والده، وكان جد عبد البديع ضابطاً في جيش محمد علي باشا اللواء إبراهيم أفندي صقر، الذي شارك في الحملة المصريّة على الجزيرة العربية وأخذ مكافأة على الحرب مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، كما تقول الرواية.
التحق بالمدارس الحكوميّة ونال الشهادة الثانويّة في عام 1935، واشتغل بأحد المحال التجاريّة، وتخرّج في كليّة الآداب جامعة الملك فؤاد الأوّل.
اتصل بجماعة الإخوان المسلمين، وتعمقت صلته بالإمام حسن البنا خلال اثني عشر عاماً تعلم فيها من الإمام الكثير الذي أثَّر على حياته وسلوكه وصار من دعاة الإخوان البارزين، وأعضائهم المؤسّسين.
وعرفه الإخوان في معتقل الطور سنة 1948، صابراً متواضعاً محباً لإخوانه خادماً لكبار السن والمرضى منهم.
وعندما كتب الشاب عبد البديع رسالة (كيف ندعو الناس) كتب الإمام البنا مقدمة الرسالة دعماً وتشجيعاً، فما بقي بيت من بيوت الإخوان إلاّ ودخلته الرسالة.
وجاء في مقدمة الإمام للرسالة: " كنت وضعتُ ملاحظاتٍ للإخوة، وعزمتُ على العودة إليها لتكميلها وتنقيحها ونشرها، وقد طالعتُ هذه الرسالة للأخ "عبد البديع صقر"، فرأيتُ فيها ما كفى وأغنى، فسُررت وفرحت، وسألت الله له دوام التوفيق، وأن يُحسن عن الدعوة مثوبته، وأُوصي الإخوةَ بها، وأن يسيروا على ضوئها".
سافر إلى قطر سنة 1954 في عهد الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني، وكان الأمير يحمل مشروع نهضة إمارة قطر، فتولّى له إدارة المعارف بها إلى جانب الوجيه قاسم درويش، وارتقى بالتعليم، وافتتح المدارس، ووضع لها المناهج التعليميّة والتربويّة، واستعان بالمخلصين الأكفياء من مدرسي مصر والشام، وخاصّة أولئك المؤهّلين علميّاً، الذين فرّوا بدينهم من سجون عبد الناصر وسجّانيه، فأفنوا حياتهم في خدمة قطر وتعليم أبنائها.
ولمّا تنازل الشيخ علي لابنه أحمد عن الإمارة، عرف قدره فكلّفه الإشراف على مكتبته الخاصّة، والمكتبات العامّة، وقرّبه إلى مجلسه لحكمته ووفرة عقله، وما يملكه من أدب جم وفطنة، وما يحفظه من طرائف أدبيّة، وقد استطاع عبد البديع أن يشجّع الشيخ علي وابنه على طباعة وتحقيق عدد من نفائس المخطوطات العربيّة على نفقتهما خشية ضياعها، فقاما بهذا الواجب حق القيام، وكلّفا المكتب الإسلامي في دمشق الذي أسّسه الشيخ زهير الشاويش، بتحقيق عدد كبير من الكتب السلفيّة وطبعها، وتوزيعها مجاناً، وكان من أبرز محقّقيه الشيخ ناصر الدين الألباني.
واهتم بمرحلة ما قبل التعليم الابتدائي، فأنشأ عدداً من مدارس الحضانة، بعد وصوله دولة الإمارات العربيّة المتحدة عام 1972 قادماً من قطر، وأسس في الشارقة ودبي وعجمان (مدارس الإيمان) التي شاركت في نهضة الخليج التعليميّة، وغرس غرساً أثمر ثمراً طيّباً، وأقام فيها حتى وفاته في عام 1986.
ويتحدث العلاّمة يوسف القرضاوي عن علاقة صقر بأمراء الخليج، وعن محبّة الناس له فيقول: "كان أمراء الخليج يجلّون الأستاذ عبد البديع صقر ويقدّرونه ويحترمونه، فضلاً عن محبّة الناس له، لحسن خلقه وتواضعه ولخدماته الكثيرة، وقد عرفوه متحدّثاً ومحاضراً وخطيباً، وواعظاً وكاتباً ومفكّراً ومصلحاً وداعية".
وشهد له الأستاذ زهير الشاويش بالعفّة والنزاهة، فكتب في مجلّة المجتمع يقول: "عرفت في الأخ عبد البديع صقر نزاهة اليد، والتعفّف عن جرّ المنفعة لنفسه، أو أخذ قرش مما كان يوكّل إليه إنفاقه على طبع الكتب، بل زهد في أموال الأغنياء، فعوّضه الله عن ذلك بالحلال الطيّب".
ألّف عدداً من الكتب القيّمة منها: (الأخلاق للبنات), و(التجويد)، و(علوم القرآن), و(رحلة الحج)، و(الوصايا الخالدة)، و(شاعرات العرب)، و(مختارات الحسن والصحيح من الحديث الشريف)، و(رسالة الإيمان)، و(نقد البردة)، و(نساء فاضلات)، و(التربية الأساسية للفرد المسلم), و(حديث إلى دعاة الإسلام( وله: (دليل قطر الجغرافي) رسم فيه أوّل خارطة عربية لقطر، بيّن فيها المواضع والأبعاد، ولم يكن لقطر قبلها سوى خرائط وضعها المستعمر لأغراضه الخاصّة.
توفي شهيداً غريقاً في إحدى الترع، وهو عائد من إلقاء محاضرة، بسيارته من بلبيس قاصداً بلدة الزقازيق، خلال قضائه الإجازة بمصر في 13/12/1986الموافق 12 ربيع الأوّل 1407.
كتب في سيرته حيدر قفّة (فقيد آخر: الداعية الإسلامي الكبير عبد البديع صقر كما عرفته)
______________________________________________________________ (1) موقع سماحة الشيخ يوسف القرضاوي سيرة ومسيرة، 16/10/2018.(2) ويكيبيديا الإخوان المسلمون عبد البديع صقر. (3) ذيل الأعلام ص 113 أحمد العلاونة. (3) الشبكة الدعويّة، من أعلام الحركة الإسلاميّة عبد البديع صقر الداعية المهاجر، إعداد نسيبة حسين. (4) مجلة الوعي الإسلامي العدد 518 عبدة دسوقي. (5) ابن القرية، ملامح سيرة ومسيرة، يوسف القرضاوي. (6) مجلة المجتمع عدد ديسمبر 1987 زهير الشاويش.