أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني
(132/749 ـ 189/805)
فقيه حنفي، إمام مجتهد من أهل الرأي، صاحب الإمام أبي حنيفة وناشر علمه، قاضي القضاة.
ولد بواسط سنة سقوط الدولة الأمويّة وقيام الدولة العبّاسيّة، ونشأ بالكوفة، وأصله من حرستا قرية قرب دمشق، قدم أبوه من العراق، وكان جنديّاً في الجيش، قال ابن سعد : أصله جزري ، سكن أبوه الشام ، ثم ولد له محمد سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، غلب عليه الرأي ، وسكن بغداد.
طلب الحديث وسمع وجالس أبا حنيفة، قيل" دخل على الإمام أول ما دخل للعلم قال استظهر القرآن فغاب سبعة أيام ثم جاء وقال حفظته.
وسمع معمر بن كدام، ومالك بن مسعود، وعمر بن ذر، والأوزاعي، والثوري، ومالك بن أنس.
وقال محمد بن الحسن : أقمت عند مالك ثلاث سنين وكسرا ، وسمعت من لفظه سبعمائة حديث.
وأتمّ العلوم على القاضي أبي يوسف فنبغ وصار المرجع لأهل الرأي وعنه أخذ مذهب الحنفيّة، وكان مع تبحره بالفقه يضرب بذكائه المثل.
قدم بغداد وسكنها، وولي القضاء للرشيد بعد القاضي أبي يوسف.
قال الشافعي: ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن ولا أفصح منه، وقال: ما رأيت رجلاً أعلم بالحلال والحرام والعلل والناسخ والمنسوخ منه، وكان كثير البرّ بالإمام الشافعي.
صنّف نحو أربعمائة مجلّد منها: (الجامع الكبير في الفروع) اشتمل على عيون الروايات، وشرحه البزدوي والسرخسي والجصّاص وغيرهم، و(الجامع الصغير في الفروع) واشتمل على 1532 مسألة، وهو الكتاب الذي قال عنه العلماء: لا يصلح المرء للفتوى ولا للقضاء إلاّ إذا علم مسائله، وله: (الزيادات) و(زيادة الزيادات) و(السير الكبير والصغير) وهو آخر مصنّفاته بعد انصرافه من العراق، و(الحجّة على أهل المدينة، وله: (نهج البيان عن كشف معاني القرآن) خمس أجزاء، ألفه باسم الخليفة المستنصر، ونشرت وزارة الأوقاف القطريّة سنة 2012 كتاب (الأصل) المشهور بالمبسوط، في ثلاثة عشر مجلداً، وهو أقدم مرجع فقهي في تاريخ الإسلام، يقول الدكتور أكرم ضياء العمري: "كتاب الأصل هو الأول والأشمل في تاريخ الفقه الإسلامي، يغطي كل المسائل في أبوابها المختلفة، لا يسوق الأدلة، ولكنه يذكر الرأي الفقهي". ويحتوي على آراء النخب العلمية كالإمام أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر وغيرهم من تلك النخب التي عاشت للعلم ".وله كتاب (الآثار) مليء بالأدلّة من القرآن والسنة وآثار الصحابة والتابعين، وهو من أجلّ الكتب التي رواها عن شيخه أبي حنيفة، و(الاكتساب في الرزق المستطاب) وله رواية لكتاب الموطّأ عن الإمام مالك بن أنس..
خرج مع الرشيد إلى خراسان ومات بالري سنة تسع وثمانين ومائة وهو ابن ثمان وخمسين سنة، ومات الكسائي بعده بيومين، وحكي أنهما ماتا في يوم واحد فقال الرشيد دفن الفقه واللغة في الري وتشاءم به.
وقيل في رثائهما:
تصرمت الدنيا فـلـيس خـلـود
لما قد نرى من بهجة سـتـبـيد
ألم تر شبابنا إذا ما ابتلوا البـلـى
وأن الشباب الغض لـيس يعـود
سيأتيك ما أفنى القرون التي مضت فكن مستعـدا لـلـقـاء عـتـيد
أسفلت على قاضي القضاة محمـد
وأذريت دمعي والفؤاد عـمـيد
وأوجعني موت الكسـائي بـعـده
وكادت بي الأرض الفضاء تمـيد
كتبت في سيرته وفقهه عشرات المؤلّفات، نذكر منها: (بلوغ الأماني في سيرة محمد بن الحسن الشيباني) للشيخ محمد زاهد الكوثري، و(الإمام محمد بن الحسن الشيباني نابغة الفقه الإسلامي) لعلي أحمد الندوي، و(الفكر الاقتصادي عند الإمام محمد بن الحسن الشيباني) للدكتور أحمد سليمان خصاونة، و(أصول العلاقات الدوليّة في فقه الإمام محمد بن الحسن الشيباني) لعثمان جمعة ضميريّة، وهو دراسة فقهيّة مقارنة.
______________________________________________________________
(1) سير أعلام النبلاء ج 9 ص 134 محمد بن أحمد الذهبي. (2) شذرات الذهب ج 1 ص 32 عبد الحي بن أحمد ابن العماد العكري. (3) الفهرست ص 203 ابن النديم. (4) كشف الظنون ص 561 و ص 567 حاجي خليفة. (5) تاريخ التشريع الإسلامي ص 234 محمد عفيفي الخضري. (6) معجم المؤلّفين ج 9 ص 207 عمر رضا كحّالة. (7) مفكرة الإسلام 24/12/2012 الأوقاف القطريّة تطبع أقدم مرجع فقهي في تاريخ الإسلام. (8) صفحة من مخطوط موطأ مالك برواية محمد بن الحسن الشيباني.
الزيارات: 2450