صلاح الدين خليل بن أيبك بن عبيد الله الصفدي الدمشقي

نشر بتاريخ: الخميس، 03 أيار 2018 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين


(696/1297 ـ 794/1263):
مؤرّخ مهتم بالتراجم، أديب بارع، لغوي، مشارك في الفنون، متقدّم في الإنشاء، غزير الانتاج الأدبي والتاريخي.
ولد بمدينة صفد بفلسطين ونسب إليها، وكان والده مولى للأمير فارس الدين ألبكي، أحد أمراء المماليك بصفد.
أتقن العربيّة، وحفظ القرآن الكريم، وشيئاً من الحديث، ومهر في الرسم والخط بدمشق،

وكتب الخط المنسوب (طريقة ابن مقلة)، واتصل بتقي الدين السبكي، وأخذ النحو عن أبي حيّان محمد بن يوسف الأندلسي وروى عنه، ولازم الحافظ ابن سيّد الناس محمد بن محمد، وأخذ عنه التاريخ والمغازي، وبه تمهّر في الأدب، وروى عن الحافظ شمس الدين الذهبي وغيره، وأخذ الحديث عن الحافظ يوسف بن عبد الرحمن المِزّي، وأخذ الفقه الشافعي عن القاضي محمد بن إبراهيم بن جماعة.
برز في الكتابة الديوانيّة، وباشر كتابة الإنشاء بمصر ودمشق، وكتابة السرّ بحلب، وحدّث بدمشق وحلب.
صنّف في التاريخ والتراجم والأدب عدداً كبيراً من المؤلّفات القيّمة، وتذخر مكتبات أوروبا بروائع كتبه المخطوطة، وذكر الزركلي في الأعلام أن مؤلّفاته بلغت مئتي مصنّف منها: (تذكرة الأدب) مجموع شعر وأدب وتراجم وأخبار، كبير جدا في ثلاثين مجلّداً، و(التنبيه على التشبيه) و(أعوان النصر في أعيان العصر) في ست مجلّدات، و(نكت الهميان في نكت العميان) ترجم به فضلاء العميان، و(الوافي بالوفيات) في التراجم في اثنين وستين مجلّداً ذيلاً على وفيات الأعيان، و(الغيث المسجم في شرح لامية العجم للطغرائي) مجلدان، و(تحفة ذوى الألباب فيمن حكم دمشق من الخلفاء والملوك والنواب)، و(تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون)، و (ديوان الفصحاء) مجموع في الأدب، و(لوعة الشاكي ودمعة الباكي)، و(رشف الزلال في وصف الهلال) وهو كتاب فريد في موضوعه، وتنسب إليه (رسالة في علم الموسيقا).
"وله ديوان شعر مفقود، ولكن آثاره النثرية أكثر وأعظم فائدة، وأسلوبه يتجه إلى الصنعة التي كانت سائدة في عصره والعصور السابقة، وقد التزم السجع في مقدمات كتبه خاصة، وهو يميل في شروحه وتعليقاته إلى الإطالة والإسهاب والاستطراد".
وللصفدي من ابن تيمية الحراني موقف فصّله محمد بن عبد الله أبو الفضل القونوي في كتابه: (موقف خليل بن أيبك الصفدي من شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية)، حيث أن الصفدي انساق بروح عصره، وكان شافعيّاً أشعريّاً متصوّفاً، ملازماً خصوم ابن تيميّة.
ومن شعره قوله في دين النصرانيّة:
عجبًا للمسيح بين النصارى
        حيث قالوا إن الإله أبوهُ

ثم قالوا إن الإله إلهٌ
        ثم جاءوا بجهلهم عبدوهُ

ثم جاءوا بما هو أعظم من ذا
        حيث قالوا أنهم صلبوهُ

ليتَ شعري و ليتني كنت أدري
        ساعة الصلبِ أين كان أبوهُ

غائبا عنهم و أنى يراهم
        أم يقولون بأنهم غلبوهُ؟

أثنى العلماء عليه، وأشادوا بجهوده في التأليف وسعة اطلاعه، ومنهم شمس الدين الذهبي الذي ترجم له في كتابين من كتبه، فقد أورده في (معجم شيوخ الذهبي) ثمّ في (المعجم المختص) وقال فيه: "كان إماماً عالماً صادقاً ماهراً رأساً في صناعة الإنشاء وقدوة في فن الأدب".
ولا يعني هذا أنّه سلم من النقد الأدبي، فقد اتهمه الدماميني في (ذيل الدرر) بأنّ شرحه للاميّة كان مشوباً بإظهار الاطّلاع، والتكثّر بالاتّساع في العلوم، تزيّداً على الناس، وتتبّعه فجعله هباءً منثورا، وصيّره كأنّه لم يكن شيئاً مذكورا.
وقال البدر البشتكي: تكلّم فيما لم يحسن، وادّعى الإمامة، ونازع أهل الفنون بما لا يعرف، وطلب الزعامة، وجرّح في تاريخه وعدّل.
تولى وكالة بيت المال في دمشق وتوفي بها.
___________________________________________________________________ (1) فهرس الفهارس والأثبات ج 2 ص 700 محمد عبد الحي الكتاني. (2) هديّة العارفين م 1 ص 351 إسماعيل الباباني. (3) معجم المؤلّفين ج 4 ص 114 عمر رضا كحالة. (4) شذرات الذهب ج 6 ص 200 عبد الحي بن أحمد ابن العماد العكري. (5) الموسوعة العربيّة أيبك الصفدي (خليل بن) المجلد الرابع ص 352. (6) موقف خليل بن أيبك الصفدي من شيخ الإسلام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، ص 27 و 29  أبو الفضل القونوي. (7) صفحتان من كتاب الغيث المسجم في شرح لاميّة العجم للطغرائي، طبعت في القاهرة في عام 1888.

الزيارات: 1795