لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر
تتحدث الرواية التاريخية عن امبراطور صيني حكيم استطاع بدهائه أن يرسل إلى قتيبة بن مسلم الباهلي طبقا من ذهب فيه تراب من ثرى الصين، ليطأها قتيبة ويبر بيمينه، لأنه يعلم أن سور الصين لا يستطيع أن يقف حاجزا دون بلوغ جيش قتيبة خان باليق (بكين).
واليوم وقد عفا على سور الصين الزمن، وأصبح مكانا مفضلا لالتقاط الصور التذكارية، تواصل إسرائيل مشروعها المريب (جدار الفصل العنصري) دون توقف وبوتيرة عالية، مرحلة بعد مرحلة منذ 23 حزيران 2002 مستغلة الظروف الدولية، وحالة الانهيار العربي، وسط صمت رسمي إقليمي وعربي وشعبي يصل إلى درجة الخيانة، وتواطؤ دولي يصل إلى درجة التشجيع والدعم، غير عابئة بمأساة شعب سلبت حقوقه المشروعة، ولا باستغاثات من وقع عليهم الظلم والعدوان من المعذبين والمضطهدين والمشردين، ولا بأصوات الاحتجاج الواهنة، ولا بقرارات محكمة العدل الدولية التي ذهبت أدراج الرياح.
حيث قامت بتفتيت الأرض وتجريفها، وتقطيع أوصالها، ومصادرتها بقرارات عسكرية وإدارية، وضمها إلى المستوطنات بالقوة، واقتلاع أشجار الزيتون، والاستيلاء على الآبار وأحواض المياه الجوفية، وهدم البيوت والمزارع وتدميرها.
وتشتيت العائلات وتشريد الأسر، وعزل التجمعات السكانية للمواطنين وحجزهم خلف الجدران وتقييد حركتهم، وفصل الفلاحين عن أراضيهم، والرعاة عن حمى قراهم، وحرمان الطلاب من الوصول إلى مدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، والحيلولة دون وصول المرضى إلى المستشفيات والمراكز الصحية، والتسبب في فقد العائلات مصادر رزقها.
مشروع خطير لم ياخذ العبر من جدار برلين، ولا خط بارليف، ولا الدروس من تجربة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، يفتقد الشرعية والقانونية، لا يمكن تبريره بالضرورات العسكرية أو بمتطلبات الأمن القومي، له نتائجه الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة على المنطقة، لأنه يشكل انتهاكا متواصلا صريحا وواضحا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولكافة المواثيق والأعراف والمعاهدات والقرارات الدولية.
ويعتقد جنرالات إسرائيل وهم يواصلون تنفيذ مشروعهم بعيدا عن حكمة الصين، بأن القرى المحصنة (المستعمرات) والجدر (جدار الفصل العنصري) تحول دون تحقيق وعد الله للمؤمنين بالنصر.
(لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) (الحشر الآية 14)
وعندما يتسلم الراية رجل يحبه الله ورسوله، ويحب الله ورسوله، يفتح الجدار كما فتحت حصون يهود: الأخبية والوطيح والسلالم وناعم والصعب وخيبر.
وساء صباح المنذرين.
وطوبى للغرباء
1/4/2006
الزيارات: 1339