جريمة جديدة تضاف إلى جرائم العصر
جريمة جديدة رهيبة تضاف إلى جرائم هذا العصر، ارتكبت في وضح النهار، أمام سمع العالم وبصره، نفّذها القتلة بأعصاب باردة، وقلوب قاسية، وضمائر ميّته، يوم الجمعة الدامية، عندما أقدم المجرمون في وضح النهار على سفك دم نحو ألف مسلم يقول ربي الله.
في أنديجان المدينة الآمنة الوادعة، يتّم مئات الأطفال، ورمّلت النساء، وروّعت المدينة الجميلة من هول الجريمة وبشاعتها، وتحوّلت ساحاتها إلى قطعة من الجحيم.
اكتفى العالم المتحضّر بعرض صور رجال يجرون جثث ضحايا خضّبوا بالدماء، وتمتلئ بهم غرف المستشفيات، وممرات العيادات الصحيّة، وآخرون يعبرون الحدود مع أطفالهم هربا من الظلم وانتهاك الحقوق، وندّد آخرون بالمجزرة بعبارات خجولة.
في زمن الصمت تكتمل عناصر الجريمة، لأنّها ترتكب جهارا نهارا، بلا خوف من الله، ولا وجل من الناس، المقتول من أسند الله شرعيّة حكمه على القادر على حماية حقوقه، لا على قاتل غير مؤتمن على حماية حقّه في الحياة، والشهود شياطين خرس، يخدّرون الشعوب بفنون الطبخ، ومعارض الأزياء، والجري خلف الكرة، في هذا الزمان الرديء.
لم يتحدّث الناطق الحكومي عن عدد القتلى المدنيين هذه المرّة، ولكنّه حاول إقناعنا بأن ما أقدم عليه مجرّد حدث داخلي عابر، لا يعدو أن يكون ردا طبيعيّا على حركة عصيان اندلعت احتجاجا على محاكمة 23 متهما بنشر أفكار إسلامية متطرفة، وأنّ حفنة من رجال أمن النظام سقط في المواجهات.
برّر القتلة جريمتهم النكراء بأن الضحايا أعضاء في جماعة إسلاميّة محظورة، وأنّ ما يجري جزء من الحرب الدوليّة على الإرهاب الذي تولّى كبره النظام العالمي، وكأنّ إطلاق هذه التهمة تمنحه حق إطلاق النار بهذه الوحشيّة، وتعفيه من عقاب الله.
النظام البالي المتمسّك بامتيازاته في أوزبكستان الذي حكم البلاد منذ عام 1989 بقبضة حديديّة، حوّل بلاده إلى معتقل كبير، وشجّع التعذيب في سجون البلاد، وأطلق حملة واسعة النطاق لقمع المعارضين لنظامه تحت ستار مكافحة ما يسمى التطرف الإسلامي.
لم يكتف بنهب أوزبكستان وإذلال شعبها، وحرمان أمتّه من التمتع بشمس الحريّة بعد تفكّك الاتحاد السوفييني ، وسقوط الأنظمة الشموليّة والفاشيّة، فاستباح الدماء، ومهّد أرضها للمصالح والاحتكارات الأجنبيّة، والقوى الانتهازيّة العالميّة.
لكنّ أحرار العالم لن يصمتوا على هذه الجريمة البشعة، وكلّ جريمة تنتهك فيها حقوق الإنسان، مهما كانت الذرائع والأسباب، وسيرفعون أصواتهم بالاحتجاج والإدانة، ورفض كلّ المبرّرات.
ويطالبون بفتح ملفّات جرائم العصر التي أسدل الستار عليها، وتقديم القتلة إلى المحاكم الدوليّة ليكونوا عبرة لكل من تسوّل له نفسه قتل شعبه.
(ولا تحسبنّ الله غافلا عمّا يعمل الظالمون إنّما يؤخّرهم ليوم تشخص فيه الأبصار* مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء). صدق الله العظيم.
وطوبى للغرباء
1/6/2005
الزيارات: 1210