من حق السوريين أن يكتبوا دستورهم بحريّة وأن يكون دين دولتهم الإسلام

نشر بتاريخ: الثلاثاء، 06 تشرين2/نوفمبر 2018 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

لم تتوقف القوى المتربصة بالشعب السوري وعلى رأسها روسيا التي تحنّ إلى ماضيها الاستعماري، وأمجاد جنكيز خان، وقد أصبحت قوّة مشاكسة تبحث عن هويتها بين آسيا وأوروبا، عن سعيها الدؤوب لإجهاض ثورته، وإخماد صوته، واستغلال معاناته، والوقيعة بين أبنائه، وسلب إرادته الحرّة، وانتهاز الفرصة لتكبيله بالديون، والاتفاقات المجحفة، وانتقاصه استقلاله مصدر اعتزازه، وفرض دستور علماني يعكف على كتابته نفر ممن يدّعون تمثيل الشعب السوري، في سراديب موسكو عاصمة الاحتلال، وقامعة الأحرار، وراعية ما يسمى بالمصالحات بين الجلاد وشعبه المنكوب به وبطائفته وحزبه.
تريد موسكو بعد غزو أوكرانيا وضم القرم، محاصرة تركيّا من الشمال والجنوب، وإجهاض نهضتها، وإعادة الهيمنة من جديد على  الشعوب التركيّة في آسيا الوسطى بعد سقوط الاتحاد السوفييتي البائد.
وتريد من سوريّة بعد وقف إطلاق النار، أن تكون بستاناً خلفيّاً لبيتها الخرب، وسوقاً لبضاعتها المزجاة الكاسدة، وأسلحتها الصدئة المنسّقة، وحقل تجارب لأسلحتها الفاسدة.


وتريد فرض إرادتها ودستورها على السوريين كأمر واقع، لضمان نفوذها، من خلال فزّاعتها المنصوبة على جبل قاسيون، وقواعدها العسكريّة بالقوّة لا بالمنطق، والهيمنة على الحياة السياسيّة والاقتصاديّة، وتزيين احتلالها بالأساليب الدستوريّة الناعمة.
ولا مانع لدى موسكو من إجراء استفتاءات شكليّة مزوّرة، تضفي على وجودها الشرعيّة،  وتزين به عهدها القبيح، لشعب يعيش نصفه في مخيّمات النزوح تحت رحمة المنظّمات الإنسانيّة، ونصفه الآخر تحت آلة القمع ومسدس السلطة الجبريّة، لتعيد هذا المارد إلى قمقمه، وتضفي على عميلها المشروعيّة.
ولطالما جرّبت تلك اليد الآثمة على الشعب السوري جميع ما ابتكرته من أسلحة شيطانيّة مدمّرة، فما المانع لديها من خديعة السوريين والقيام بدور الحكم النزيه بين الفرقاء، وفرض دستور علماني مبتكر على الطريقة الشيشانيّة، يدمّر ما بقي من أعمدة راسخة للمجتمع السوري، ويعيد تلك الحسناء إلى بيت الطاعة الأسدي.
رحم الله تلك الأيّام الخالية التي شهدتها أروقة البرلمان السوري، والصحف السوريّة الحرّة  عام 1950، فيما سمي بمعركة الدستور، بين القوى الإسلامية الناشئة من ناحية، وبين المعترضين على أن ينص الدستور الجديد على أن دين الدولة الإسلام، بسبب خشيتهم من تطبيق أحكام الإسلام، وجهلهم بتسامح المسلمين.
يوم عبّر الشيخ مصطفى السباعي ـ رحمه الله ـ نائب دمشق في البرلمان السوري في بيانه المنشور بتاريخ 8/2/1950 عن روح التآخي بين السوريين بقوله: "إني سأضع أمام القراء وأمام أبناء الشعب جميعا نص المادة المقترحة في هذا الشأن ليروا بعد ذلك أي خوف منها وأي غبن يلحق المسيحيين فيها:
1 ـ الإسلام دين الدولة.
2 ـ الأديان السماوية محترمة ومقدّسة.
3 ـ الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعيّة.
4 ـ المواطنون متساوون في الحقوق لا يحال بين مواطن وبين الوصول إلى أعلى مناصب الدولة بسبب الدين أو الجنس أو اللغة.                                                
وقال: إني أسأل المنصفين جميعا وخاصّة أبناء الطوائف الشقيقة: إذا كانت المادة التي تنص أن دين الدولة الإسلام هي التي تتضمن هذه الضمانات كلّها فأين الخوف ؟ وأين الغبن ؟ وأين امتياز المسلمين ؟ وأين الانتقاص لغيرهم. ؟
ورد على العلمانيين قائلا: إن النص على دين الدولة ليس معناه أن يسيّر رجال الدين أمور الدولة، ولو كان كذلك لما وضعت الأمم التي سبقتنا في ميدان الحضارة في دساتيرها النص على دين الدولة.
وأضاف السباعي في بيانه: إن الإسلام نظام كامل لا يظهر صلاحه إلا في مجتمع كامل، وإن الإسلام قد حفّ تلك الحدود بشروط شديدة جدا، وإننا نريد التقريب بين التشريعات المدنية وبين نظريات الإسلام الموافقة لروح العصر، ولأصدق النظريات الحقوقية السائدة فيه، فهل تجدون حرجا في الأخذ به تراثا قوميا عربيا تعتزون به وتفاخرون. ؟"
أعتقد أن من حق السوريين أن يكتبوا دستورهم المستوحى من شريعة ربّهم، بعد هذه الثورة المباركة، والتضحيات الجسام، بعيداً عن الإملاءات الأجنبيّة والوصاية الروسيّة.
وعلى السوريين أن يأخذوا الدروس والعبر من تجربة حزب البعث الفاشلة، الذي نصّب نفسه قائداً للدولة والمجتمع على مدى نصف قرن، وصلت خلاله دول العالم إلى القمر، وأوصلها إلى القبر.
وأن يرفضوا الاستبداد حتى ولو كان عادلاً، وحكم الفرد بكل أشكاله بما فيه النظام الرئاسي،  وما نتج عنه من تخلّف سياسي واقتصادي واجتماعي، وما رافق هذه التجربة المريرة من تمزيق للمجتمع السوري، وإحياء للنزعات الطائفيّة والعنصريّة، وضياع للحقوق، ونهب للثروات، واعتداء على حقوق الإنسان، وما تمخّضت عنه تجربة الحكم الفردي من قتل وترويع ودمار، وتعريض أمن الوطن وسلامة أرضه واستقلاله للأخطار.
 وبعد أليس من حق السوريين أن يكتبوا دستورهم بحريّة وأن يكون دين دولتهم الإسلام.؟

وطوبى للغرباء                                                                  رئيس التحرير
1/11/2018                                                                  محمد علي شاهين

الزيارات: 1187