وازدحمت الوفود على أبواب النظام
لأنّ شعبنا حلم بالمجد والسؤدد والفجر الأغر، وثار متأخّراً وقد طال صبره، ليسترد حريّته بعد آخر انقلاب عسكري سموه "الحركة التصحيحيّة"، ويسلّط الضوء على المرتزقة وخفافيش الظلام الذين يعملون لصالح الطغاة، فيزوّرون الانتخابات، ويحوّلون الهزائم إلى انتصارات، ويفضح الأيدي الآثمة العابثة بأمنه واستقراره، ويكشف الغطاء عن سرّاق المال العام واللصوص والسماسرة بعد استشراء غول الفساد في مفاصل الدولة.
استكثروا عليه أن يثور لكرامته ولو مرّة واحدة، وأن يختار ممثليه في البرلمان بحريّة، وأن يكون التداول السلمي للسلطة أمراً مقّرراً، وأن يكون القضاء محايداً وعادلاً، وأن تكون الحريات مصانة.
فانحازوا إلى جانب النظام، وشهدوا على أنفسهم أنّهم شركاؤه في الاثم، وحملة أوزاره، ظناً منهم أنّ الثورة فشلت وأنّ قائد النظام انتصر على شعبه، علّهم يفوزوا بنصيب من الغنيمة.
وازدحمت وفود البرلمانات والأحزاب والشخصيّات العربيّة على أبواب النظام، تعلن ولاءها وانحيازها الكامل، وتأييدها ومباركتها أسلوب الإبادة والعقاب الجماعي الذي مارسه النظام، والانتقام من الشعب وترويعه وإذلاله.
تشجعه على الاستمرار في الحل الأمني، وقتل السوريين، وتشريدهم ونفيهم وملاحقة أحرارهم،
وتؤيّد الاستعانة بقوى الاحتلال الروسي، والميليشيات الإيرانيّة، وترحّب بمشروع الهلال الشيعي الفارسي ضد أمّة العرب.
ورقصت وفود على جراح السوريين النازفة، وعربدت فوق أشلاء قتلاهم، وتمتّعت بالمآدب الفاخرة، والهدايا القيّمة، والتقطت الصور التذكاريّة مع القائد الذي لا يجود الزمان بمثله، لتكون صك إدانة لهم يوم فجر الانتصار.
ورغم أن سوريا تحل في المرتبة 177 من بين 180 بلدا على مؤشر حرية الصحافة في العالم لعام 2018، وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود.
وبحسب تقرير للشبكة العربية لحقوق الإنسان في أغسطس/آب 2018، فإنّ النظام السوري كان مسؤولا عن 83% بالمائة من الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، إلا أنّ وفد اتحاد الصحفيين العرب أبى إلا أن يعقد مؤتمره في دمشق، وأبى رئيسه إلا أن يقدم التهنئة للرئيس بما حقّقه من انتصارات (طبعاً على السوريين الإرهابيين).
ولم تكتف المنظّمات الفلسطينيّة بالانحياز الشفوي وتقديم التهاني للنظام السوري، وهو يقود حرباً ضارية ضد شعبه، بل انخرطت في القتال إلى جانبه ضدّ فصائل المعارضة وفي مقدمتها: (منظمة الصاعقة) التنظيم الفلسطيني البعثي، و(الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل، و(الجبهة الديمقراطيّة لتحرير فلسطين) بزعامة نايف حواتمة، و(جيش التحرير الفلسطيني) بقيادة اللواء طارق الخضرا، و(جبهة النضال الشعبي)، و(لواء القدس الفلسطيني)، و(ميليشيا فتح الانتفاضة)، و(ميليشيا الحزب الفلسطيني الديمقراطي)، و(حركة فلسطين حرّة)، مضحية بكل الوشائج التي تربطها بالشعب السوري، الذي بذل الغالي والنفيس من أجل فلسطين.
ووقفت (حركة فتح) مع بشّار، تتمنّى له الانتصار على العصابات الإرهابيّة، دون أن تستفسر عن المعتقلين الفلسطينيين في سجون بشّار، وعن مصير سكان المخيّمات الذين تعرّضوا للإبادة والتهجير.
ونشر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، رسالة تهنئة لبشار بعيد الجلاء في صفحته على فيس بوك يقول فيها: "نحن واثقون بأن سوريا منتصرة بإذن الله بقدرات شعبها وجيشها الباسل على العصابات المسلحة، وسيعود الأمن والأمان لربوعها وأن يعيدها موحدة وآمنة ومستقرة تحت قيادتكم الحكيمة".
ورغم أنّ الجامعة العربية تشترط على النظام السوري تنفيذ بنود “المبادرة العربية” لتفعيل عضويته، وأبرزها: وقف أعمال العنف، والإفراج عن المعتقلين، وضمان حرية التظاهر السلمي، ودعوة جميع أطياف المعارضة للحوار، ورغم رفض نظام الأسد هذه المبادرة التي يعتبرها انتهاكا لسيادته، إلا أنّ دولاّ وبرلمانات عربيّة، وفي مقدمتها البرلمان العربي، ترفع التوصيات، وتطالب بإلحاح بعودة النظام إلى الجامعة العربيّة، لتفقد ما بقي لها من مصداقيّة واحترام عند الشعوب العربيّة.
دعوا السوريين يتحرّرون من قيد النظام، يا من استمرأتم الذلّ والهوان ورضيتم بالمذلّة.
ولا تتزاحموا على أبواب النظام، فتكونوا شهود زور، وشركاء في الجريمة.
فالثورة لم تنهزم، والنصر قادم بإذن الله.
وطوبى للغرباء رئيس التحرير
1/1/2019 محمد علي شاهين