متى يطفئ الشيعة مراجل الحقد والكراهية والانتقام
خمسة عشر قرناً، لم تتوقف فيها مراجل الحقد والكراهية والانتقام من أهل السنّة في بلاد الشام، انقضت خلالها دولة بني مروان كما تنقضي أعمار البشر، ففي سنة 132 هـ "دخل عبد الله بن علي دمشق بالسيف، وأباح القتل فيها ثلاث ساعات، وجعل جامعها سبعين يوما إسطبلا لدوابه وجماله، ثم نبش قبور بني أمية فلم يجد في قبر معاوية إلا خيطا أسود مثل الهباء، ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجد جمجمته، وكان يجد في القبر العضو بعد العضو، إلا هشام بن عبد الملك فإنه وجده صحيحا لم يبل منه غير أرنبة أنفه، فضربه بالسياط وهو ميت وصلبه أياما ثم أحرقه ودقَّ رماده ثم ذره في الريح.
أضاف ابن عساكر: ثم تتبع عبد الله بن علي بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم، فقتل منهم في يوم واحد اثنين وتسعين ألفا عند نهر بالرملة".
واستمرّ مسلسل الكراهية على هذا النهج حتّى وصل النصيريّون بانقلاب عسكري إلى سدّة الحكم في سنة 1963 متستّرين خلف حزب البعث، وشعاراته العلمانيّة البرّاقة، فقاموا عند أوّل مطالبة للسوريين بالحريّة والعدالة بقتل أكثر من 354 ألف شخص، من بينهم 106.390 آلاف مدني، وتشريد 13.5مليون سوري من بيوتهم قسراً، 7.5 مليون منهم شُرِّدوا داخل حدود سوريا، إما بسبب ملاحقة النظام السوري لهم في أماكن سيطرته أو بسبب قصفه للمدن، أو عبر اتفاقيات التهجير التي اتبعها مؤخراً للسيطرة على المناطق، بينما تعرَّض قرابة الـ 6 ملايين سوري للنزوح خارج البلاد بحسب التقرير.
وأظهرت الوثائق التي جمعها أحد العناصر الذين خدموا 13 عاماً في سلك الشرطة العسكرية التابعة لنظام لأسد، بالتعاون مع عدد من أصدقائه، 55 ألف صورة، كان قد التقطها لـ 11 ألف حالة تعذيب ممنهج حتى الموت، قامت بها قوات النظام على مدار عامين، ضد معتقلين لديها.
وتبيّن للجان حقوق الإنسان بعد التدقيق، أن الضحايا تعرضوا للتعذيب وهم موثوقوا الأيدي والأرجل، مع وجود حالات خنق متعمد، بواسطة أسلاك أو حبال، فيما أظهرت حالات أخرى أن بعض الضحايا فقدوا حياتهم بعد أن تم خنقهم بواسطة سيور مركبات مسننة، فضلاً عن استخدام الجوع كأسلوبٍ للتعذيب.
وهدموا المدن، ودمّروا الحضارة السوريّة ذات الطابع الإسلامي السني، واستعانوا على الشعب السوري بالروس الصليبيين، وشذّاذ الآفاق من الشيعة والشبيحة.
ولم يتوقّفوا كل هذه القرون عن الافتراء على الصديقة بنت الصديق، الطاهرة المبرّأة أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، واتهامها بالإفك والكفر، ويدّعون أنّ لها باباً من أبواب النار تدخل منه، وهي التي برّأها الله من فوق سبع سموات تكريماً وتعظيماً لها بقوله تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }..(النور- 11(
ويلعنون أباها ويسمونه صنم قريش، ويتهمونه باغتصاب الخلافة، وحرمان السيّدة فاطمة (رضي) من تركة أبيها صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي شهد المشاهد كلّها مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يفارقه سفراً ولا حضراً إلا فيما أذن له، وهاجر معه إلى المدينة، واختبأ معه في الغار، وجمع القرآن، وحارب المرتدين.
وينقمون على عمر بن الخطاب (رضي) لأنّه محى دولة الفرس المجوس الساسانيين، واطفأ النار المقدسة، وأخضع فارس لحكم الإسلام، ويدّعون أنّه ثاني مغتصبي الخلافة، ويسمي الشيعة قاتله فيروز أبو لؤلؤة الفارسي ببابا شجاع الدين تعظيماً له، ويحتفلون في يوم مقتله احتفالاً كبيراً، ويقولون: اللهم ارض عن أبي لؤلؤة واحشرني معه. ونقول (آمين)
أمّا ذو النورين عثمان بن عفّان (رضي) فيعتقد الشيعة بكفره ونفاقه، وهو أحد العشرة المبشّرين بالجنة، وأحد الستة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، وهو الذي جهز جيش العسرة.
ويدّعي الرافضة غصب حقوق الامام علي بن ابى طالب (رضي)، وأنّ جبريل قد أخطأ (الغرابيّة)، ويؤلّه بعضهم عليّاً (النصيريّة)، ويضعون له مناقب هو في غنى عنها، وينكرون أنّ محبته في اعتقاد أهل السنة دين وإيمان، وهو الذي اجتمعت له من الفضائل ما لم تجتمع في غيره، ويقولون في ابن ملجم قاتله أنّه أخرج الإمام من الناسوت إلى اللاهوت.
ومن مثل هؤلاء الأربعة الكرام أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ أليس حبهم سنة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.
وزعم الشيعة أن الله تعالى أنزل على السيّدة فاطمة (رضي) بعد وفاته صلى الله عليه وسلم مصحفا على قدر القرآن ثلاث مرات ، فيه علم ما يكون إلى يوم القيامة، وهو قول واضح البطلان.
وطلب الحسين بن علي (رضي) الخلافة بشروطها، وخرج من مكّة على يزيد بن معاوية ملبياً دعوات أهل العراق بأنّ السنّة قد أميتت، والنفاق قد عمّ، والحدود قد عطّلت، وقالوا: أقدم لعل الله يصلح بكم الأمّة، فخذلوه وأسلموه، وسيق ركبه إلى كربلاء، فسقط شهيداً على أرضها في العاشر من محرم سنة 61 من الهجرة النبويّة، ولا يشك أهل السنّة بأنّ قتلته من الزنادقة المتهاونين بمنصب النبوّة وحب آل بيت رسول الله الطاهرين.
وفي عهد بني أميّة
ونقم الشيعة على بني أميّة بعد استشهاد الحسين (رضي) واتهموهم بالظلم، وقالوا: لم يكن للشيعة في تلك الأيام نصيب سوى القتل والنفي والحرمان، ونسوا فضل بني أميّة على أمّة الإسلام، ومنها فتح الأندلس، وفتوحات المشرق
وفي عهد الدولة العباسيّة
اتهم الشيعة خلفاء الدولة العباسيّة بارتكاب الجرائم التي يندى لها الجبين وتقشعر منها الجلود في حق الشيعة، بحيث تغص بذكرها المجلدات الكبيرة الواسعة، بل وفاقوا بأفعالهم المنكرة ما فعله الأمويون من قبل، وهو كذب وبهتان.
واتهم شاعر الشيعة دعبل الخزاعي بني العبّاس بنقض العهود بالزور والشبهات فقال:
هم نقضوا عهد الكتاب وفرضه
ومحكمه بالزور والشبهات
تراث بلا قربى ، وملك بلا هدى
وحكم بلا شورى ، بغير هداة
واستولى الاسماعيليّون الشيعة بقيادة الحسن بن الصبّاح على القلاع والحصون في قزوين ومنها (قلعة آلموت) الحصينة، وفي بلاد الشام على (قلاع الدعوة) بقيادة رشيد الدين بن سنان، تحركهم الأحقاد، وتملأ قلوبهم البغضاء، واتخذوا سلاح الاغتيال للتخلّص من القيادات السنيّة، وتآمروا مع الصليبيين على احتلال بلاد الشام، واغتالوا أمراء المسلمين وأبطالهم.
ونفذ الباطنية الإسماعيلية ما كانوا يصبون إليه من قتل علماء المسلمين ومجاهديهم، ولم يكن مودود أولهم ولا آخرهم.
ومن الأمور العجيبة في هذه الجريمة أن ملك الفرنجة بغدوين لمّا وصله خبر قتل مودود، أرسل رسالة إلى طغتكين جاء فيها: "إن أمة قتلت عميدها يوم يعدها في بيت معبودها، لحقيق على الله أن يبيدها".وفي عهد العبيديين أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي الناس سنة 395 هـ بكتابة سب الصحابة (رضي) في حيطان المساجد والقياسر والشوارع في سائر الديار المصريّة، وأمر بهدم القاهرة واستباحتها، وكان المسلمون والذمّة في ويل وبلاء شديد معه.
قال ابن العماد الحنبلي: "أفنى رجالاً، وأباد أجيالاً، وأقام هيبة عظيمة وناموساً، وكان يقتل خاصّته، وأقرب الناس إليه، وادعى الألهيّة وصرّح بالحلول والتناسخ وحمل الناس عليه، وألزم الناس السجود إذا ذكر، قتل غيلة بجبل المقطّم، بتدبير أخته ستّ الملك غيرة على الإسلام وصيانة للدولة".
ونقموا على السلطان صلاح الدين الأيوبي بسبب قضائه على الدولة العبيديّة، وتحالفوا مع الصليبيين، وقاموا بمحاولتي اغتيال له الأولى: خلال محاصرته حلب سنة 570 هـ ، والثانية: سنة 576 هـ داخل معسكره في بلدة اعزاز.
كاتب ابن العلقمي التتار سرّاً وأطمعهم في البلاد وتحالف معهم من أجل إسقاط خلافة بني العباس، ليقيم خليفة علوياً، حتى دخلوا بغداد، وقتلوا الخليفة المستعصم سنة 656هـ، ووضعوا السيف واستمر القتل والسبي نيفًا وثلاثين يوماً، وقتل من أهل الدولة وغيرهم ألف ألف وثمان مائة كما تقول المصادر، وكان في خدمة هولاكو الوزير الشيعي نصير الدين الطوسي، وجميع شيعة بغداد.
وكتب الطوسي إلى أهل السنّة في الشام كتاباً يتوعدهم بالفناء جاء فيه: "اعلموا أنا جند الله، خلقنا من سخطه، فالويل كل الويل لمن لم يكن من حزبنا، قد خربنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وأظهرنا في الأرض الفساد، فإن قبلتم شرطنا، وأطعتم أمرنا، كان لكم مالنا، وعليكم ما علينا".
وذكر محمد أمين غالب الطويل في (تاريخ العلويين) أنّ تيمورلنك الذي دمر بغداد للمرة الثانية بعد أن دمرها هولاكو، كان علويّاً محضا من جهة العقيدة، فإنه عدا عن المباحث التاريخية، يوجد له أشعار دينية موافقة لآداب الطريقة الجنبلانية.
وقال إنّ أحد قواد تيمور أمعن في القتل والنهب والتعذيب في حلب مدة طويلة حتى أنشأ من رؤوس البشر تلة عظيمة وقد قتل جميع القواد، وانحصرت المصائب بالسنيين فقط.
ثم سافر تيمور إلى الشام وهو كمصيبة سماوية. وقبل سفره جاءت إليه النصيرية (درة الصدف) بنت سعد الأنصار ومعها أربعون بنتاً بكراً من النصيريات، وهي تنوح وتبكي وتطلب الانتقام لأهل البيت وبناتهم اللاتي جيء بهن سبايا للشام. وسعد الأنصار هذا هو من رجال الملك الظاهر وهو مدفون بحلب وله قبر تحت قبة. فوعدها تيمور بأخذ الثأر، ومشيت معه حتى الشام والبنات النصيريات معها تنوح وتبكي وينشدن الأناشيد المتضمنة التحريض لأخذ الثأر. فكان ذلك سبباً للشام بمصائب لم يسمع بمثلها.
وارتكب القرامطة بزعامة أبي طاهر الجنابي بحق المقدّسات الإسلاميّة جرائم لا تغتفر، هاجم البلد الحرام يوم التروية والناس محرمون فقتل منهم ثلاثين ألفاً، ووضع السيف بالناس وأكثر النهب والحرق، نهب أموال الحجّاج بالمسجد الحرام وقتلهم، وخلع الحجر الأسود من جدار الكعبة وأنفذه إلى هجر، وقلع باب الكعبة، وطرح القتلى في بئر زمزم.
وفرِض إسماعيل الصفوي التشيع الإثني عشري على الإيرانيين بالقوّة، وجعله المذهب الرسمي للدولة، وبنى المراقد الشيعيّة، وأّذّن بحيّا على خير العمل، وأمر بسب أبي بكر وعمر وعثمان، وقتل في تبريز وحدها في يوم واحد أربعين ألفاً من أهل السنّة رفضوا التشيّع، أمّا في باقي إيران فقد فاق عدد قتلاه من أهل السنّة والجماعة المليون، واستقدم علماء الشيعة من جبل عامل بلبنان لتشييع الناس ومعهم كتبهم، ومنحهم الأموال وبوأهم أعلى المناصب.
واستولى ابنه طهماسب على العراق وقتل فيها عشرات الآلاف من أهل السنّة، وفرض على أهل العراق الأوسط والجنوبي التشيّع، ونبش الطاغية قبر أبي حنيفة النعمان.
وكانت التحالفات مع القوى الصليبية (راجع معاهدة اسماعيل الصفوي مع البرتغال) سمة مميزة للدولة الصفوية، وعائقاً أمام فتح أوروبا ونشر الإسلام فيها، واضطرّ السلطان العثماني سليمان الثاني القانوني وهو يحاصر النمسا عام 1529م إلى ترك جبهة أوروبا والعودة لقتال الصفويين.
ووجه حملاته نحو فارس، وفي ذلك كتب سفير فرديناند في القسطنطينية يقول: "إن فارس هي التي تقف حائلاً بيننا وبين الدمار".
وقوّض رضا خان بهلوي شاه إيران استقلال إمارة المحمّرة، الممتدة على طول الساحل الشرقي للخليج العربي الغني بالنفط (87% من النفط الإيراني)، في 20/4/1925، بمكيدة دبرها الضباط الانجليز والفرس، حين دُعِيَ الشيخ خزعل الكعبي إلى حفلٍ على متن يختٍ بريطانيٍّ في شط العرب، حيث تم اعتقاله مع مرافقيه وساقوه إلى سجنٍ في طهران، وقام الفرس بتغييرات ديموغرافيّة في عربستان، استهدفت اللغة العربيّة ومذهب أهل السنّة، وثروتها النفطيّة، واحتلّوا طنب الكبرى, وطنب الصغرى اللتان تتبعان إمارة رأس الخيمة، وأبو موسى التي تتبع إمارة الشارقة، وذلك قبل أيام من استقلال الإمارات في 2/12/1971.
والمدقّق للأحداث والوقائع التاريخيّة التي رافقت مسيرة الشيعة منذ انطلاق حركتهم كحزب سياسي وانتهائها كدين رسمي لإيران، يصل إلى نتيجة خطيرة مفادها:
ـ جرأتهم على الافتراء ولو على أقرب الناس بالنبي صلى الله عليه وسلم: زوجته وحوارييه وخلفائه وقادة سراياه، وإلصاق التهم الباطلة بهم كذباً وزوراً، وسب الصحابة.
ـ تحيزهم الواضح للقوميّة الفارسيّة، وحنينهم الدائم لأمجاد الفرس.
ـ جرأتهم على الله في ادّعاء الألوهيّة لعلي (كرّم)، وتفسير النصوص الدينيّة على هواهم.
ـ اتّخاذ سلاح الاغتيال، وقمع المخالفين، وفتح السجون والتعذيب انتقاماً من أهل السنّة.
ـ الاستعانة بأعداء الإسلام لحرب المسلمين، ومكاتبتهم سراً، وإطماعهم لاحتلال ديار المسلمين.
ـ فرض التشيّع بحد السيف على المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وتهجير أهل السنّة من ديارهم.
ـ ادّعاء المظلوميّة، وجلد الذات، والبكاء والندم على ترك نصرة الحسين (رضي).
ولست في هذه المقال بصدد الرد على شبهاتهم، فقد كفاني الإمام الغزالي في فضائح الباطنيّة، وما كتبه الإمام الذهبي، وابن تيميّة، وإحسان إلهي ظهير من المحدثين، وغيرهم.
ولم تزل هذه الممارسات هي الأسلوب المعتمد عند فرقهم، وما جرى في عصرنا من وقائع يشيب لهولها الولدان، وما يجري اليوم في سوريّة من قتل وتدمير وتهجير واستعانة بالروس والفرس، مثال حي عمّا تكنّه صدورهم من حقد وكراهية وبغضاء.
وطوبى للغرباء رئيس التحرير
1/7/2018 محمد علي شاهين