بغداد قبّة الإسلام ومدينته 

نشر بتاريخ: السبت، 07 كانون1/ديسمبر 2019 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

قبة الإسلام ومدينته، مدينة السلام، أو مدينة الله، أُم الدنيا، وأم الممالك، جنة الأرض، سيدة البلاد، دار الخلافة، الزوراء، مجمع الرافدين، معدن الظرائف، مدينة المنصور، عاصمة العراق القديم والحديث. 

بناها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي سنة 145/762 ولم يزل بها إلى آخر أيام خلافته ثم حج منها وتوفي بمكة، وجعلها أحد مراكز الحضارة في العالم، وزهرة المشرق وجنة الدنيا، وانتقل إليها سنة 149/ 766 من الهاشمية، وبنى مدينتها بشكل مدور، وعمل لها سورين سنة 147/760 وبنى قصره في وسطها، والمسجد الجامع بجواره، وبنى القبة

الخضراء فوق إيوان، وجر أقنية الماء إليها، وأقطع أصحابه القطائع، فعمروها وسميت بأسمائهم، لم يكن لها نظير في جلال قدرها وفخامة أمرها وكثرة علمائها وأعلامها، وابتنى بها الكرخ وهي دار خلافة بني هاشم، وبنى المنصور للمهدي الرصافة في الجانب الشرقي سنة 151/768 وقام المعتصم بالانتقال إلى سامراء. 

وتقع على جانبي دجلة من الشرق والغرب، بها البساتين المونقة والحدائق المحدقة وبها النخيل وأنواع الرياحين. وفي مدح بغداد قال بعض الفضلاء: بغداد جنة الأرض ومدينة السلام وقبة الإسلام ومجمع الرافدين وغرة البلاد وعين العراق ودار الخلافة ومجمع المحاسن والطيبات ومعدن الظرائف واللطائف وبها أرباب الغايات في كل فن وآحاد الدهر في كل نوع، وكان أبو إسحاق الزجاج: يقول بغداد حاضرة الدنيا وما عداها بادية، وكان أبو الفرج الببغا يقول: هي مدينة السلام بل مدينة الإسلام فإن الدولة النبوية والخلافة الإسلامية بها عششتا وفرختا وضربتا بعروقها وبسقتا بفروعهما، وإن هواءها أغذى من كل هواء وماءها أعذب من كل ماء وإن نسيمها أرق من كل نسيم وهي من الأقليم الاعتدالي بمنزلة المركز من الدائرة، ولم تزل بغداد موطن الأكاسرة في سالف الأزمان، ومنزل الخلفاء في دولة الإسلام، وكان ابن العميد إذا طرأ عليه أحد من منتحلي العلوم والآداب وأراد امتحان عقله سأله عن بغداد فإن فطن بخواصها وتنبه على محاسنها وأثنى عليها جعل ذلك مقدمة فضله وعنوان عقله، ينسب إليها من العلماء والزهاد والعباد والأدباء والشعراء والصناع عدد لا يعلم عدده إلا الله، نذكر منهم: عبد الأديب المؤرخ القادر بن عمر البغدادي (1030/1620 - 1093/1682)، و الفقيه الشافعي  الأصولي عبد القاهر بن طاهر بن محمد البغدادي (     /982 - 429/1038)، العالم الموسوعي الطبيب موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي (557/1162 - 629/12321)، و الراوية الإخباري أحمد بن يحي بن جابر بن داوود البلاذري البغدادي الكبير المتوفّى سنة (279/892)، والخطاط البغدادي المبدع علاء الدين أبو الحسين علي بن هلال المشهور بابن البوّاب المتوفّى سنة (423/1032)، والعالم في النحو والقراءات أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد: ( 279/892 - 349/960) المشهور بالبزاز. 

وأشهر مكتبات بغداد اليوم: مكتبة الجامعة والمكتبة المركزية ومكتبة المجمع العلمي العراقي ومكتبة المتحف العراقي ومكتبة الإمام أبي حنيفة. 

اجتاحها التتار في عهد الخليفة العباسي المستعصم، بتحريض من البابا والصليبيين في بلاد الشام، وبالتآمر مع الوزير ابن العلقمي الشيعي سنة 656/1258، وكان السيل قد دمّر جانبيها قبل سنتين من اجتياح التتار، وقضى طاغية التتار هولاكو على مركزها الديني والسياسي والحضاري، وأحرق دار الحكمة وما فيها من المؤلّفات النادرة، ودمر قصورها وأوابدها الأثريّة، وأباد معظم أهلها، واجتاحها التتار بقيادة تيمورلنك سنة 795/1392، واستولى عليها اسماعيل شاه الصفوي سنة 914/1508، وقام السلطان العثماني سليمان القانوني بتحريرها من الصفويين سنة 941/1534، وبقيت بغداد في عهدة العثمانيين 383 سنة ميلاديّة، عندما احتلّها الانجليز سنة 1335/1917، وبعد نضال مرير ضد المستعمرين نالت العراق استقلالها وأصبحت بغداد عاصمة المملكة العراقيّة سنة 1351/1932.  

وكانت العاصمة العراقيّة بغداد هدفا عسكريّاً لإسقاط نظام الرئيس صدّام حسين، استمرّ ثماني سنوات من القصف الجوي والصاروخي خلال الحرب الغبيّة بين العراق وإيران سنة 1401/1981، ثم الاحتلال الأمريكي تحت ذريعة تحرير الكويت.

أبواب بغداد: من أبواب أسوار بغداد القديمة التي ذكرها المؤرخون والجغرافيون ما يلي: باب حرب، وباب المراتب، وباب التين، وباب الحجرة، وباب الخاصة، وباب المحول، وباب الشعير، وباب الطاق، وباب الشام، وباب البصرة، وباب الكوفة، وباب خراسان. 

بعض ما صنف عن بغداد: كتب محمد القطيعي (تاريخ بغداد)، ومحمد الأمين السهروردي (تاريخ بغداد) ومحمد بن محمود النجار(تاريخ بغداد)، والخطيب البغدادي (تاريخ بغداد)، وعلي بن محمد السويدي (تاريخ بغداد)، والفتح بن علي البنداري (تاريخ بغداد)، وإبراهيم الحيدري (الكلام في مدينة السلام بغداد)، وابن المارستانية (ديوان الإسلام في مدينة السلام)، وجميل المدور(حضارة الإسلام في دار السلام)، ومنصور بن العمادية (المستجاد من فوائد بغداد) وابن الجوزي ( مناقب بغداد)، وعباس جواد (نيل المراد في أحوال العراق وبغداد)، ومحمد صادق البغدادي (عمران بغداد)، وانستاس الكرملي (شعراء بغداد وكتابها). 

___________________________________________________________________ 

(1) معجم البلدان م 2 ص 203 ياقوت الحموي. (2) فتوح البلدان ص 293 أحمد بن يحي البلاذري. (3) آثار البلاد وأخبار العباد ص 317 زكريا بن محمد القزويني. (4) تاريخ التراث العربي ص 159 محمد فؤاد سيزكين. (5) لوحة حصار المغول لبغداد. (6) موسوعة المصادر الإسلايّة مادّة بغداد م1 تأليف محمد علي شاهين.

 

*   *   *   *   *

 

الزيارات: 1220