أبو الفتح محمد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني

نشر بتاريخ: الأحد، 31 آذار/مارس 2019 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

عمدة مؤرّخي الملل والنحل في القرون الوسطى

(479/1086 ـ 548/1153)

شيخ أهل الكلام والحكمة، إمام شافعي، متكلّم فاضل، أشعري فيلسوف، صاحب التصانيف المشهورة في العقائد. 

ولد في مدينة شهرستان، من أعمال خراسان،  بين نيسابور وخوارزم، دخل خوارزم واتخذها داراً، ثمّ تحوّل إلى أحمد الخوافي قاضي طوس، وعلى أبي نصر القشيري وغيرهما، وبرع في الفقه، وقرأ إلى خراسان. 

تلقّى العلم على شيخه في الأصول على أبي القاسم الأنصاري، وسمع الحديث على أبي الحسن المدائني وغيره بنيسابور. 

كان مولعاً بطلب العلم منذ صباه، خرج للحج سنة 510هـ 1116م، وعرّج على ببغداد، وأقام فيها ثلاث سنوات، وعظ فيها، ودرّس في النظاميّة، وظهر له القبول التام. 

 

أتقن العربيّة والفارسيّة، وكان حسن الخط واللفظ، نظيف المحاورة، خفيف المحاضرة إلاّ أنّه كان يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة، طاف البلاد الإسلاميّة معلّماً ومتعلّماً، ويزعم أنّه انتهى إلى مقام الحيرة وهو القائل:

لقد طفت في تلك المعاهد كلّها     وصيّرت طرفي بين تلك المعالم

فلم أر إلاّ واضعاً كفّ حـائر     على ذقـن أو قارعاً سـنّ نادم

وكان مقرّباً من السلطان سنجر بن ملك شاه وصاحب سرّه، ومن الوزير أبو القاسم محمود المروزي.

 وكان يفسّر الآيات ويؤوّلها على قوانين الشريعة والحكمة وغيرها، استقرّ ببغداد، وألقى دروسه بالمدرسة النظاميّة على صفوة الشيوخ والتلاميذ، وظهر له قبول كثير، ألّف كتباً كثيرة منها: (الملل والنحل) وهو من أفضل المراجع لهذا الموضوع، استعرض فيها جميع المذاهب الفلسفيّة والدينيّة، وصنفها حسب بعدها عن الإسلام على مذهب أهل السنّة، ثم تناول أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وأفرد مقالات لأئمّة فلاسفة الإغريق وحكمائهم، وأديان الهند، وهو في تحليله للمذاهب والنحل نافذ البصيرة، وتتسم أحكامه في جملتها بالنزاهة الشديدة والبعد عن التحيّز. 

وقع في الاضطراب والحيرة نتيجة تعمقه في الفلسفة والكلام حيث أعلن ندمه في الخوض في الإلهيات عن طريق الفلاسفة والمتكلّمين.

ونقل الذهبي في سير أعلام النبلاء، عن السمعاني في (التحبير): هو من أهل شهرستانة ، كان إماما أصوليا ، عارفا بالأدب وبالعلوم المهجورة . 

وقال : وهو متهم بالإلحاد ، غال في التشيع. 

وقال ابن أرسلان في )تاريخ خوارزم :( "عالم كيس متفنن ، ولولا ميله إلى أهل الإلحاد وتخبطه في الاعتقاد ، لكان هو الإمام ، وكثيرا ما كنا نتعجب من وفور فضله كيف مال إلى شيء لا أصل له ؟ ! نعوذ بالله من الخذلان ، وليس ذلك إلا لإعراضه عن علم الشرع ، واشتغاله بظلمات الفلسفة ، وقد كانت بيننا محاورات فكيف يبالغ في نصرة مذاهب الفلاسفة والذب عنهم، حضرت وعظه مرات ، فلم يكن في ذلك قال الله ولا قال رسوله ; سأله يوما سائل ، فقال : سائر العلماء يذكرون في مجالسهم المسائل الشرعية ، ويجيبون عنها بقول أبي حنيفة والشافعي ، وأنت لا تفعل ذلك ؟ ! فقال : مثلي ومثلكم كمثل بني إسرائيل يأتيهم المن والسلوى ، فسألوا الثوم والبصل" . 

وصفته دائرة المعارف الإسلاميّة بعمدة مؤرّخي الملل والنحل في القرون الوسطى. 

وله (نهاية الإقدام في علم الكلام) في النهي عن الاشتغال بعلم الكلام والفلسفة، و(تاريخ الحكماء) و(بحث في الجوهر الفرد) في الفلسفة، و(مضارعة الفلاسفة) في الردّ على الفلاسفة، و(تلخيص الأقسام لمذاهب الأنام) و(الإرشاد إلى عقائد العباد)، وفقدت بعض كتبه. 

توفي بمسقط رأسه شهرستان ودفن بها.

___________________________________________________________________

(1) مقدمة المحقق عبد العزيز محمد الوكيل لكتاب الملل والنحل محمد بن عبد الكريم الشهرستاني. (2) وفيات الأعيان ج 2 ص 280 أحمد بن محمد ابن خلكان. (3) تاريخ حكماء الإسلام ص 143 علي بن زيد البيهقي. (4) طبقات الشافعيّة ج 2 ص 106 جمال الدين عبد الرحيم الأسنوي. (5) معجم البلدان م 5 ص 315 ياقوت الحموي. (6) آثار البلاد وأخبار العباد ص 398 زكريا بن محمد القزويني. (7) شذرات الذهب ج 4 ص 149 عبد الحي بن أحمد ابن العماد العكري. (8) دائرة المعارف الإسلاميّة م 13 ص 425 شنتاوي وخورشيد ويونس. (9) سير أعيان النبلاء الطبقة 29 ص 286 محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي. (طبعة الرسالة 2001). (10) المعرفة أبو الفتح الشهرستاني.

 

الزيارات: 1430