العكبر أو صمغ النحل (بروبلس) La Proplis

نشر بتاريخ: الإثنين، 04 كانون1/ديسمبر 2017 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

يعتبر العكبر من أقوى المضادات الحيويّة الطبيعيّة، وكان الفراعنة يستخدموه في تحنيط موتاهم منذ آلاف السنين، واستعمل أبوقراط العكبر كمرهم في علاج الجروح والقروح.
 وهو مادة راتنجية صمغيّة، حمضيّة لزجة، قابلة للذوبان في الإثير والكحول والتربنتين، ذات لون بني أو بني مخضر، وله رائحة ذكية تشبه رائحة الفانيلا، وإذا أحرق أصدر رائحة عطرية مميّزة.
وتجمع شغالات النحل المادّة الرئيسيّة للعكبر من الصموغ التي تفرزها الأشجار في أماكن الجروح والبراعم والأوراق الجديدة، ولحاء الأشجار، ومنها على سبيل المثال: الحور، السدر، الصفصاف، الكستناء الهندية، الصنوبر، شجر البلوط.


ويستعمل النحل هذا المنتج في عدة أغراض منها: سد شقوق الخليّة، ورأب التصدعات التي تحدث في الخلية لإعادة إحكام بنيتها، ودعم بنية إطارات العسل ولصقها ببعضها، وهذا يؤثر على مربي النحل وخاصة عند الجني، وعند اقتراب موعد الشتاء يقوم النحل بتقليل أبعاد فتحة الطيران للحد من تسرب البرد خلف فتحة الطيران بقليل، ويقوم النحل بإنشاء تحصينات قوية لردع الحيوانات الكبيرة، وطلاء نخاريب الحضنة من الداخل بطبقة رقيقة لإحباط أي إصابة جرثومية محتملة، وفي حالة اقتحام الخلية من قبل حيوانات كبيرة يقتلها النحل ويخرجها من الخليّة، فإذا لم يستطع إخراجها للتخلّص من رائحتها يقوم بتحنيطها.
وبالإضافة إلى ذلك "فالعكبر يحمي الخلية من الميكروبات كمطهر طبيعي حقيقي لها، وهو بمثابة درع طبيعي لحماية الخليّة، ويتم استخراجه بعد انتهاء حصاد العسل.
ولاستخراج العكبر يستخدم النحالون شبكات لينة تسمى (شبكات دنج)، ثم يذاب في الكحول لإزالة الأجزاء النشطة والتخلص من الشوائب وبقايا الحشرات.
وللحصول على عكبر نقي، يعاد من حالة الذوبان بالكحول إلى الحالة الصلبة بتبخير الكحول بالتسخين البطيء.
وتعتمد كمية انتاج العكبر على عدد خلايا النحل، وعدد النحل في الخلية، وموقع وجود الخليّة (وفرة من الأشجار وبراعم ...)، وهو من المنتجات النادرة بسبب قلّة الكميّة التي تنتجها الخلية، ولكن في المتوسط خلية تنتج 100-300 غراما من دنج سنويا".(1)
ويتركّب العكبر من الناحية الكيميائية من الأتي: 55% مواد راتنجية،30% من الشمع، 5% زيوت عطرية، 5% مركبات عضويّة معدنيّة،  5%حبوب طلع.(2)
ويصنع العكبر في أشكال مختلفة، وفقاً لنوع الاستخدام المراد به، فإذا أريد به الاستخدام الداخلي، صنع على شكل أقراص، أو صمغ للمضغ، أو حبيبات، أو سائل، ليسهل على المريض تناوله.
وبمكن تصنيعه للاستخدام الخارجي على شكل كريمات، ومراهم، وغَسولٌ للفَمِ، ومواد هلامية، وصابون، ومعجون الأسنان.
ويعتبر العكبر من الناحية العلاجيّة مضاد حيوي قوي ضد بعض أنواع البكتيريا السبحية والمكوّرات العنقودية، كما يعالج بعض أنواع الفطريّات المرضيّة، والفيروسات، وهو منبه لإفرازات الهرمونات الأنثوية، ومدر للبول، وخافض لضغط الدم المرتفع، ويساعد على زيادة إدرار العصارة الصفراوية الكبديّة، ويستخدم بنجاح لعلاج الغرغرينا، ويعزّز قدرات جهاز المناعة، وهو مضاد للأكسدة، ويحثّ على مقاومة الخلايا الليمفاوية، وخاصّة سرطان الجلد،  ويساعد على علاج التسلخات الجلدية والجروح والحروق، وهو مانع للنزيف، وثبت انه عامل مطهر ويساعد في تكوين الأنسجة واللحم الجديد، و استعمل في علاج آلام المفاصل.
وله العديد من الآثار الإيجابية على الجسم: فهو يسهل التنفس، في كثير من الأحيان ويهدّئ السعال، ويلطّف التهاب الحلق الذي يزعج الجسم، ويقلل من آلام السعال الجاف، وهو أفضل وسيلة لمنع بعض المضاعفات خلال التغيرات الموسميّة.
وأثبتت بعض الدراسات المخبريّة أهميّة العكبر كمضاد للجراثيم والأكسدة والقروح والفطور، وإمكانيّة الاستفادة من خواصّه في علاج مرض السرطان، ومن فوائده التي توصّل إليها الباحثون تحفيز نمو الشعر، ممّا يمهد الطريق لإنشاء العلاج القائم على دنج لمكافحة الصلع.
والعكبر من منتجات النحل العلاجيّة الستّة التي استخدمها الأطباء المسلمون وميّزوها عن العسل والشمع، وفيه يقول الغافقي: "العكير ليس هو وسخ الكوائر كما زعم ابن سمحون وابن واقد وغيرهما، ووسخ الكوائر هو شيء أسود ويوجد في حيطان الكوائر ملطخاً، وهو أول ما يضع النحل ثم يبنى الشمع عليه، وأما العكير فهو شيء كالخبيص ليس بشمع ولا عسل، وإذا غمزته تفرق وليس بشديد الحلاوة وتجيء به النحل على أعضادها وسوقها كما تجيء بالشمع، ويقال: عكير وأكثر ما يكثر منه النحل في السنة المجدبة ويوجد في أفواه الكوائر، ومداخل النحل ومخارجها، ويؤكل كما يؤكل الخبز فيشبع وهو مفسد للعسل والناس يكرهونه لذلك."(3)
وبسبب نقص الدراسات المختبريّة حول العكبر لا ينصح باستعماله أكثر من ثلاثة أسابيع، ويجب على ذوي الحساسيّة من منتجات النحل الامتناع عن استخداماته الداخليّة والخارجيّة، وكذلك على الحامل والمرضع والمصابين بالأمراض الصدريّة التحسسيّة كالربو، وعلى العموم فالعكبر مادّة غير سامّة مأمون الاستعمال.  

المراجع:
1 ـ ماري الأسرة والعسل والرفاه منذ عام 1921 دنج: حليف الحلق
2 ـ موقع سنابل الخير، النحل ومنتجاته الست.
3 ـ الجامع لمفردات الأدوية والأغذية ص 466 لابن البيطار.

الزيارات: 16702