المقالات الافتتاحية
استيقظي يا أمة الإسلام فالجولة الثانية قادمة
انتهت الجولة الأولى للحرب السادسة، وهدأت جبهات القتال وتوقف القصف البحري والغارات الجوية بعد شهر كامل من العدوان الغادر المبيت على لبنان، وبدأ العمل لإزالة الآثار التي ترتبت على هذه الحرب الظالمة، الشريرة.
عشرات الجرافات وفرق الإسعاف تعمل ليل نهار لإزالة أنقاض البيوت المهدمة والمصانع المحترقة، وانتشال جثث الضحايا ودفنها.
قبور جماعية في كل مكان، وأكثر من ألف ضحية بريئة معظمها من الأطفال والنساء والشيوخ، وعدة آلاف من الجرحى يتلوون من الألم.
بكاء وعويل وأطفال أصابهم اليتم، وأمهات ثكالى، وأرامل، فقدوا جميعا الأب والأخ والحبيب، ولكنهم لم يفقدوا الأمل بالله رب المستضعفين.
أسر منكوبة تفترش الساحات العامة والمساجد والمدارس، كانت قبل شهر من اندلاع هذه الحرب القذرة تنعم بالسعادة وحرارة العلاقلت الأسرية ودفئها.
لم يصدق أحد دعاوى المعتدين ولا الذرائع التي اتخذوها ستارا لأطماعهم، لأن دعوى احتلال الجزائر بسبب حادثة المروحة لم تنطل على أحد.
ومن ناحية ثانية لم يقتنع أحد بأسوب إدارة الأزمة في العالم العربي، وكانت تصريحات كثير من صناع القرار متسرعة مفتقدة لعنصري الدقة والموضوعية، وجاءت الفتاوى السلطانية التي رافقتها ثبوتية الظن، مفتقرة للأدلة الشرعية الدامغة، وكان الأولى أن تلتحم سدى الأمة بلحمتها، في مواجهة العدو المشترك، لأن إسرائيل وقوى الظلام لا تعيش إلا على الفرقة والبغضاء وتأجيج النعرات الطائفية والعرقية، وهذه الحرب الأهلية بالعراق المنكوب بالاحتلال ماثلة للعيان.
اختلطت الأمور على كثير من الساسة العرب والأجانب، حتى أنهم لم يفرقوا بين الضحية والجلاد، وظنوا أن لبنان المقاومة هو المعتدي، وأن إسرائيل الغاصبة لفلسطين والجولان هي الحمل الوديع، حتى الأمم المتحدة وقعت في هذا الخطأ الفادح، فكانت منحازة وجاء قرارها خاليا من عبارات الإدانة والشجب للمعتدي الظالم المنتهك لحقوق الإنسان، وكان في مقدمة أولويات قوات الطوارئ، وقف إطلاق النار ونزع سلاح المقاومة.
جاءت هذه الحرب بعد خمسة حروب عربية رسمية تقليدية خاسرة، كان حصادها مر المذاق، وكانت نتائجها أشد مرارة، لكن الحرب السادسة فتحت أبواب الأمل للقانطين والمتشائمين الظانين بالله ظن السوء، وعلمتهم أن نصر الله قريب، وأن الجهاد باب من أبواب الجنة، والحروب سجال، وحفزت الهمم لتحرير كل شبر مغتصب من ديار الإسلام.
فلنقف تحية إكبار واعتزاز للمقاومة التي علمتنا وقفة العز في وجه الردى، ولنثمن مواقف الرجال الأحرار وفي مقدمتهم المرشد العام محمد مهدي عاكف يوم وقف على منبر الأزهر وهو يبدي استعداده لتقديم عشرة آلاف مقاتل للدفاع عن لبنان وحماية المقاومة.
فاستيقظي يا أمة الإسلام، واستعدي لمقارعة قوى البغي والعدوان، فالجولة الثانية قادمة.
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
وطوبى للغرباء. 1/9/2006
ربما لا يتسع قلبك إلا لحبيب واحد ! ! فاعذرينا أمريكا
نحن أمة كانت في جاهليتها تصنع إلهها من التمر ثم تأكله، فلما ظهر الإسلام حطمت آلهتها المنحوتة من الصخر، فهل تعتقد أمريكا أننا سنظل مفتونين بتمثال الحرية إلى أبد الآبدين ؟.
وأنها ببراعتها ودهائها في استخدام نفوذها ومحو ذاكرتنا ستجعلنا متيمين بها إلى درجة العشق، وهي التي اعترفت بإسرائيل بعد إعلان قيامها باثنتي عشرة دقيقة، وكان ولسون أول من بارك وعد بلفور، وترومان أول من دعم قرار تقسيم فلسطين، وأنها...
وأننا بصمتنا وتسامحنا وحسن ظننا بها إلى درجة الغفلة، جعلناها تستأثر ببترول العرب، وتنال بيسر حق التنقيب واستخراج وتكرير وشحن ونقل وتمرير وتوزيع البترول ومشتقاته، وتحديد كمية تدفقه إلى الأسواق العالمية، والتحكم بسعر برميل النفط.
وجعلنا سفنها التجارية وناقلات بترولها التجارية وأساطيلها البحرية، ترتع في موانئنا الممتدة من دكالا على ساحل الأطلسي إلى اللاذقية، ومن السويس حتى البصرة، مرورا بمضيق جبل طارق وقناة السويس ومضيق باب المندب ورأس هرمز، وزودناها بالوقود والماء والطعام، وكنا حراسها الأمناء آناء الليل وأطراف النهار.
أعطينا أمريكا فضاء رحبا لطائراتها التجارية والسياحية والعسكرية يمتد من المحيط إلى الخليج، وفتحنا لها أجواءنا وكان العاملون في مطاراتنا في خدمة الطيران الأمريكي.
حاصرنا الاتحاد السوفييتي السابق عدو أمريكا بنطاق من الدول الموالية لها، ومنعناه من الوصول إلى المياه الدافئة في الخليج، وتطوع ضباطنا الانقلابيون بكبح المد الإسلامي واليساري بوجه تقدمي نيابة عن أمريكا، ومرروا الحلول الأمريكية للقضية الفلسطينية، وجعلوا اتفاقية الهدنة صلحا غير مسجل بمعاهدة مكتوبة، وانتحر كثير من القادة والحكام سياسيا من أجل عيون أمريكا.
خضنا الحرب الباردة مع أمريكا وقاتلنا في خندقها بإخلاص، وكنا وراء انتصاراتها في الخليج والعراق وأفغانستان، وتحملنا نتائج غرور ونزق السياسة الأمريكية، وأحسنا الظن بأمريكا حتى أن معشر الساسة العرب في الماضي كانوا يفضلون انتداب أمريكا على الانتداب الفرنسي والاستعمار البريطاني.
فتنا نحن العرب بالدولار الأمريكي وجعلناه عملتنا المفضلة، واحتفظنا به في خزائن البنوك المركزية ليوم العسرة، وأودعنا في بنوك أمريكا ملياراتنا الكثيرة لتستثمرها بيوت المال الأمريكي على هواها دون حسيب أو رقيب.
ومنحنا الأفضلية للشركات الاستثمارية الأمريكية، والبضائع الأمريكية، والمطاعم الأمريكية، والثقافة الأمريكية، والدبلوماسية الأمريكية، واستوردنا منها المنظومات العسكرية بالمبالغ الفلكية على حساب تنمية المجتمع العربي ومشروع نهضته.
جعلنا العلم الأمريكي يرفرف في قلب عواصمنا، ومنحنا الحصانة لجميع العاملين في السفارات الأمريكية، ولم نجرؤ على الاقتراب من السفارة الأمريكية ولا بالنظر إليها، وكانت الوفود والبعثات الدبلوماسية في العالم العربي تلقى كل حماية واحترام، وكان قولها الفصل في كثير من القضايا العربية والمحلية.
سمحنا بدخول الأمريكيين بدون تأشيرات إلى بلداننا، ولم نسمح بدخول العرب إلى وطنهم الكبير إلا من سم الخياط، ومنحنا المتعاقد الأمريكي أضعاف ما يناله العربي من راتب أو تعويض أو حوافز مادية، وفضلناه على كثير من أبناء جلدتنا، حتى صار الشباب العربي الطموح يحرص على الجنسية الأمريكية للاستفادة من هذه المزايا التفضيلية.
هاجرنا إلى أمريكا فغسلنا صحونها، وكنسنا شوارعها، وشطفنا حماماتها، وكنا الحمالين والباعة الجوالين، مقابل حفنة من الأوراق الملونة.
أعطى أبناؤنا أمريكا الصحة والشباب والتعليم العالي، وأعطتهم الإيدز، وجنون البقر، وسجن غوانتانامو.
لبسنا البالة الأمريكية ثيابا وأحذية وقبعات، وأكلنا فضلات أمريكا من الأطعمة المنتهية الصلاحية، وفضلنا استخدام الأدوية الأمريكية لعلاج أمراضنا المستعصية قبل أن تجرب في أمريكا.
أشرعنا أبوابنا للثقافة الأمريكية في العالم العربي بما فيها أفلام هوليود ورعاة البقر، وموسيقى الجاز والبوب، وفتنا بقصة المارينز، واتخذنا الكاوبوي سروالنا الأنيق، والهامبورغر أكلتنا المفضلة.
فهل تعتقد أمريكا أننا سنظل مفتونين بتمثال الحرية إلى أبد الآبدين ؟
وهل تعتقد أمريكا أن الحب من طرف واحد هو الأكثر دفء ودواما ؟
وهل تعتقد أمريكا أن جورج واشنطن كان سيصبر طويلا على سياسة بريطانيا قبل أن يلقي بصناديق الشاي الموسومة بالتاج البريطاني في مياه ميناء بوسطن ؟
ربما لا يتسع قلب أمريكا إلا لحبيب واحد ! ! فاعذرينا أمريكا.
وطوبى للغرباء
1/8/2006
الانقلابيّون: أهداف خفيّة وأمراض نفسيّة
وصف المؤرّخون معاناة الخلفاء على أيدي الجند البويهيين والأتراك والانكشاريين، وما آلت إليه أحوالهم حتى سقطت بغداد في يد التتار، ووقعت القسطنطينيّة في أيدي الدونمة.
فقد استبد البويهيّون بالدولة العباسية واستولوا على الخلافة وعزلوا الخلفاء وولوهم، ورفعوا منار الشيعة والاعتزال.
واتجه المعتصم العباسي نحو إحلال العنصر التركي محل العنصر العربي والفارسي، حتى بلغ من شدة نفوذ الأتراك أن أحد قادتهم بغا استطاع قتل الخليفة العباسي المتوكل، ووزيره الفتح بن خاقان، ومبايعة المنتصر خليفة من بعده، وقتلوا المعتز لمحاولته اصطناع المغاربة والفراغنة، وقهروا المعتمد وحجروا عليه وسلبوا من يديه السلطة، واشتهر من القادة الأتراك: الإفشين، وآشناس، وإيتاخ، وبغا الصغير، وبغا الكبير أوتامش.
دعونا ننفرد لننظر لمن تكون النُصرة فنقاتل معه
في الرابع والعشرين من شهر آب سنة 1516م وقف الأمير فخر الدين المعني يرقب سير معركة مرج دابق بين جيش الدولة العثمانيّة بقيادة السلطان سليم الأوّل، وجيش المماليك بقيادة قانصوه الغوري، وهو يدرك تماماً ثمن انحيازه إلى أحد الطرفين المتحاربين في هذه المعركة الفاصلة، لأن المنتصر سيستبيح كلّ شيء، والمغلوب سيدفع ثمن ضعفه وانهزامه.
وهنا تدخّل السلوك الانتهازي في عقليّة فخر الدين، فأخذ ينتظر ميل كفّة المعركة ليلتحق بالفريق المنتصر، وقال لبعض الأمراء اللبنانيين عبارته المشهورة: "دعونا ننفرد لننظر لمن تكون النصرة فنقاتل معه".
وأوهى قرنه الوعل
لم تتوقف حملات الافتراء على الإسلام ونبيه باسم البحث العلمي وحرية الرأي، وواصلت مراكز الاستشراق وجيوش المستعربين نفث سمومها، حتى اختلط الأمر على كثير ممن حرموا نعمة التحقيق العلمي، ومنهم نفر من أبناء جلدتنا لم يدركوا حقيقة الأهداف الخفية التي تكمن وراء الهجمة على الإسلام ونبيه إلا متأخرين.
لأن من تولى كبر هذه الحملات لم يعرف قدر نبينا ومكانته وقد خصه ربه ببديع حكمته وجوامع كلمه، وعصمه بالوحي السماوي، ولو علم هؤلاء أنه كان المثل الأعلى في معاملة أهل الكتاب، وداعية إلى حرية التدين وعدم الإكراه في الدين، لأحبوه كما نحبه ولخجلوا من جهلهم وضيق أفقهم، وكان عليهم أن يقرأوا الإسلام من مصادره الأصيلة، ويفهموا مقاصده السامية، قبل أن يتهموه ويشوهوا صورته.
وعندما أدركت قوى الظلام أن سر قوة المسلمين وتقدمهم هو الإسلام، حشدت قوتها لتجريدهم من هذا السلاح، وشغلتهم بمعارك جانبية عن تحقيق مشروع نهضتهم.
وكانوا يجرون بين الفينة والأخرى اختبارا (بالون اختبار) علينا ويقيسوا رد فعلنا كل مرة، ليعلموا مدى تمسكنا بديننا وحبنا لنبينا، فتارة يطلقون الآيات الشيطانية، وتارة الرسوم الكاريكاتيرية، وتارة المقالات الصحفية الخبيثة (ما نشرته الفيغارو الفرنسية)، حتى إذا وجدوا وهنا منا أو ضعفا احتلوا بلادنا وهدموا أقصانا وكعبتنا، ولكن هيهات.
وكانت الهجمة الشريرة في نهاية الحرب الأممية قد طالت الخلافة مصدر قوة المسلمين فهدمتها، ودولة الخلافة فمزقتها وقسمتها، وحالت دون بلوغ الشعوب الإسلامية وحدتها وتقدمها وحريتها.
وجرى استغلال الكنيسة في أوروبا الشرقية لمحاربة الشيوعية، وهزم المجاهدون الاتحاد السوفييتي في أفغانستان بقوة إيمانهم، فكان الدين في الشرق والغرب هو السلاح الذي لا يفل.
وما أن انتهت الحرب الباردة وسقطت الشيوعية في موطنها حتى وجدت أمريكا في الإسلام عدوا تاريخيا تتوحد عليه وتجتمع مع أوروبا على محاربته.
وانتهزت قوى علمانية وصهيونية أحداث الحادي عشر من أيلول فتعاهدت على تعميق الهوة بين الإسلام والمسيحية، وتحالفت على النيل من الإسلام في حلف غير مقدس تحت دعوى محاربة الإرهاب والتطرف، وأضرمت نيران العداوة والبغضاء بين الشرق والغرب، وأخذت تسعر الصراع بين الهلال والصليب، وتقرع طبول الحرب حتى جرى احتلال العراق وأفغانستان، وانحازت أمريكا إلى إسرائيل، واستخدمت مالها ونفوذها السياسي في خدمة المشروع الصهيوني، وقد فاتهم جميعا أن دين الله ليس كالشيوعية، وأنه عصي على السقوط.
كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وفي خضم هذا الصراع المرير جاءت محاضرة البابا بنديكت السادس عشر في جامعة رغسبورغ، تنكأ الجراح القديمة التي خلفتها الحروب الصليبية، تحت دعوى البحث الأكاديمي بعبارات مقتبسة أقحمت على النص الأصلي عن علاقة الدين بالعنف.
يقول البابا: عندما قرأت اصدار الاستاذ ثيودور خوري (جامعة مونستر) لجزء من حوار دار ربما في العام 1391م في ثكنات الجيش الشتوية قرب أنقرة بين الامبراطور البيزنطي الحاذق (مانويل الثاني باليولوغوس) وفارسي متعلم حول موضوع المسيحية والاسلام، وحقيقة كل منهما، ويرجح أن الامبراطور نفسه هو من دون الحوار هذا، اثناء حصار القسطنطينية بين العامين (1392 1401) م وهذا ما يفسر لماذا حظيت حججه بتفصيل أكبر من حجج محاوره الفارسي.
يضيف البابا قائلا: في الحوار السابع (الجدال) الذي حرره الاستاذ خوري، يلامس الامبراطور موضوع الحرب المقدسة، ويبدو أن الامبراطور كان يعرف السورة هذه (لا إكراه في الدين) (سورة البقرة الآية 256). ووفقا للخبراء، فإن هذه السورة قد نزلت في مرحلة مبكرة، عندما كان محمد ما زال بلا حول ومهددا، لكن من الطبيعي أن الامبراطور كان يعرف التعليمات، التي تطورت لاحقا ودونت في القرآن، والمتعلقة بالحرب المقدسة، ومن دون الغوص في التفاصيل، على غرار الاختلاف في المعاملة التي حظي بها (أصحاب الكتاب) و(الكفار)، يتوجه الى محاوره بجلافة مفزعة، وهي جلافة تدهشنا، بالسؤال المركزي عن العلاقة بين الدين والعنف عموما، قائلا: (أرني ما جلب محمد من جديد، وستعثر هناك على أشياء شريرة وغير إنسانية وحسب، كإيعاز بنشر الايمان الذي بشر به بالسيف)، وبعدما عبر الامبراطور عن نفسه بهذه القوة، مضى إلى تفسير مفصل للأسباب التي تجعل من نشر عبر العنف أمرا غير عقلاني، لا يتوافق العنف مع طبيعة الله ومع طبيعة الروح، ويقول: (الله لا يُسر بالدم والعمل بلاعقلانية مخالف لطبيعة الله، ولد الايمان من الروح وليس من الجسد، ومن يرد أن يقود امرا إلى الإيمان يحتَجْ الى القدرة على التحدث الفطن وإظهار العقل إظهارا ملائما، من دون عنف ولا تهديدات... ولإقناع روح عاقلة، لا يحتاج المرء الى ذراع قوية، او إلى سلاح من أي نوع، ولا غير ذلك من وسائل تهديد الشخص بالموت...).
وفهم حكماء المسلمين وعلماؤهم معاني ومدلولات كل كلمة جاءت في الخطاب، فأصابهم الحزن بعد جهود مضنية قضوها في الحوار وإزالة سوء الفهم والتأسيس على قيم التسامح بين المؤمنين، وشعروا بالاحباط بسبب مكانة البابا في قلوبهم كزعيم ديني مرموق.
وإننا نربأ أن يكون البابا قد انحاز إلى الإدارة الأمريكية التي تخوض صراع مصالح لا صراع حضارات، في سياق حملتها الشرسة على ما يسمى الإرهاب.
وقد فات من يضع الإسلام في قفص الاتهام ويصفه بالجمود والتطرف والإرهاب أن يستعيد تلك الصورة المشرقة لحواضر العلم والأدب والفن في الأندلس، وابنتها الصغرى صقلية، يوم غدت دمشق وبغداد والقاهرة وإسلامبول منارات هداية، ومقصدا للباحثين عن أسرار الكون وعلومه، ومنهلا عذبا لطلاب العلم والمعرفة.
وفاتهم أن المسلمين لم ينشئوا محاكم التفتيش في أوروبا، ولم يجتثوا الهنود الحمر في أمريكا، ولم ينتزعوا الشعب الفلسطيني من أرضه، ولم يتركوا في شبه القارة الهندية مشكلة كشمير، وفي البحر المتوسط مشكلة قبرص، ولم يضربوا هيروشيما وناغازاكي بالقنبلة الذرية، ولم يوقدوا المحرقة لليهود والغجر في أوروبا، ولم ينشئوا نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لأن رب المسلمين والمسيحيين يأمرهم بالعدل والإحسان.
وهل يرضى أحمد والمسيح أن يقف المسلمون مكتوفي الأيدي مسلوبي الإرادة ممن ضرب خدهم الأيمن والأيسر، وهدم بيوتهم، واقتلع زيتونهم، وسرق مياههم، وانتزع البسمة من عيون أطفالهم، وسجنهم خلف الجدران، حتى يقول البابا عنهم أنهم ضد الإرهاب.
حثنا الإسلام على بر أهل الكتاب وإنصافهم وأباح لنا مصاهرتهم وحسن مجادلتهم، واعتبر الإيمان بالرسالات السابقة جزء من الإسلام، ودعانا لنشره بالدعوة والقدوة الحسنة وكانت حروبه لضمان حرية الشعوب في التدين، وموجهة ضد الطغاة الذين سلبوهم حرياتهم.
علمنا الإسلام أن نؤمن بموسى وعيسى ومحمد، ولا نفرق بين أحد من رسله، وأن نقول الحق ولو على أنفسنا.
وطوبى للغرباء
1/10/2006