مجد الدين محمد بن يعقوب بن محمد الفيروزآبادي الشيرازي

نشر بتاريخ: السبت، 09 شباط/فبراير 2019 كتب بواسطة: بقلم: محمد علي شاهين

كان شافعي المذهب كسائر أهل فارس قبل أن يفرض عليهم الصفوي مذهب الرفض
(729/1329-817/1414)
بقلم: محمد علي شاهين
شيخ عصره في الحديث والنحو واللغة والتاريخ والفقه، عالم لغوي من أعلام الرواة الحفاظ، أحد أئمّة القرن الثامن الهجري الثقات، صاحب القاموس.
ولد في كارزين من أعمال مدينة شيراز ونشأ بها، وينسب إلى أبي إسحق الشيرازي.


حفظ القرآن وهو أبن سبع سنين، طلب الحديث وجال البلدان، وكان له الحظوة عند الملوك، تلقى اللغة والأدب على والده وكان من العلماء، وحفظ كثيراً من الأشعار والشواهد الأدبيّة، وتتلمذ على علماء شيراز، سافر إلى العراق، وتلقّى القراءات العشر على الشهاب الديواني بواسط، وأخذ عن السباك والقزويني ببغداد، وطاف بلاد الشام ودخل دمشق وكانت تحفل بالعلماء، وسمع بها من التقي السبكي، وابن الخباز، وابن القيم، والمرداوي، وغيرهم، وانتقل إلى القاهرة ماراً بغزّة، ولقي ابن عقيل، والأسنوي، وابن هشام، وأخذ عن علمائها.
فلمّا نضج عقله واتسعت معارفه تصدّى للتدريس في بيت المقدس، ودخل بلاد الروم فأكرمه السلطان بايزيد وحصل منه على دنيا طائلة، وجال في البلاد الشمالية والشرقية، ودخل الروم والهند، وعاد منها على طريق اليمن قاصدا مكة.
ثم استقر به المقام في اليمن وولي القضاء بها، وحظي بقرب الأشرف إسماعيل صاحب زبيد، وكثر الانتفاع به وأضيف إليه قضاء اليمن كله، وتزوّج الأشرف بابنته.
كان شافعي المذهب، كسائر أهل فارس قبل أن يفرض عليهم الصفوي مذهب الرفض، وألّف فيهم كتابه (الرد على الرافضة) أو (القضاب المشتهر في الرد على ابن المطهّر)، ولم يكن متصوّفاً على طريقة ابن عربي.
أمّا قصّة تلقيبه بمجد الدين، فقد حكى الخزرجي قصّة لقبه فذكر "أنّ الفيروزآبادي ألّف كتاباً في ثلاثة مجلّدات ضخمة باسم (الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد) في الفقه، وقد حمل الكتاب إلى القصر الملكي على رؤوس ثلاثة رجال، بكلّ أبّهة في موكب عظيم من العلماء والفقهاء والقضاة، وتصفّح السلطان أوراقه تكريماً بالمؤلّف، وأعطاه ثلاثة آلاف دينار فخريّا، ولقبه مجد الدين لتفوقه العلمي."
وقال التقي الكرماني: كان عديم النظير في زمانه نظماً ونثراً بالفارسي والعربي، جابَ البلاد، وسار إلى الجبال والوِهاد، ورحل وأطال النَّجْعة، واجتمع بمشايخ كثيرة عزيزة، وعَظُمَ بالبلاد.
وكان واسع الاطلاع على كتب اللغة، غزير الإنتاج، استفاد من المعاجم اللغويّة السابقة، صنف في علوم القرآن والحديث واللغة نيفا وستين مصنفا منها: (طبقات الحنفية) و(البلغة في تراجم أئمة اللغة) وشرح صحيح البخاري في: (فتح الباري بالسيل الفسيح الجاري)، وله كتاب في الأحاديث الضعيفة في أربع مجلدات، (وبصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز) و(سفر السعادة) في الحديث والسيرة النبويّة، و(عدة الأحكام في عمدة الأحكام للمقدسي)، و(المرقاة الوفيّة في طبقات الأئمّة الحنفيّة) و(الإشارات إلى ما في كتب الفقه من الأسماء والأماكن واللغات).
وصنّف (اللامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب) في ستين مجلدة وقيل مئة مجلد، واختصره في (القاموس المحيط) أربعة أجزاء، يقول الفيروز أبادي في مقدمته: " هذا، وإني قد نبغت في هذا الفن قديما، وصبغت به أديما، ولم أزل في خدمته مستديما، وكنت برهة من الدهر ألتمس كتابا جامعا بسيطا، ومصنفا على الفصح والشوارد محيطا، ولما أعياني الطلاب، شرعت في كتابي الموسوم ب " اللامع المعلم العجاب، الجامع بين المحكم والعباب "، فهما غرتا الكتب المصنفة في هذا الباب، ونيرا براقع الفضل والآداب، وضممت إليهما زيادات امتلأ بها الوطاب، واعتلى منها الخطاب، ففاق كل مؤلف في هذا الفن هذا الكتاب. غير أني خمنته في ستين سفرا، يعجز تحصيله الطلاب، وسئلت تقديم كتاب وجيز على ذلك النظام، وعمل مفرغ في قالب الإيجاز والإحكام، مع التزام إتمام المعاني، وإبرام المباني، فصرفت صوب هذا القصد عناني، وألفت هذا الكتاب محذوف الشواهد، مطروح الزوائد، معربا عن الفصح والشوارد، وجعلت بتوفيق الله تعالى زفرا في زفر، ولخصت كل ثلاثين سفرا في سفر، وضمنته خلاصة ما في " العباب "، و " المحكم "، وأضفت إليه زيادات من الله تعالى بها وأنعم، ورزقنيها عند غوصي عليها من بطون الكتب الفاخرة، الدأماء الغطمطم، وسميته (القاموس المحيط) ; لأنه البحر الأعظم.
وجاءه الطلبة من الآفاق، وتخرّج عليه عدد كبير من العلماء أمثال: المحدّث ابن حجر العسقلاني، وشارح الألفيّة ابن عقيل، وصاحب السيرة ابن هشام.
توفي بزبيد اليمن في الرابع من شوّال سنة 817، ودفن بمقبرة الجبرتي.
كتب في سيرته: رمضان بن موسى العطيفي (ريّ الصادي في ترجمة الفيروزآبادي)،                    


المراجع:
1 ـ مقدمة الجزء الأوّل من كتاب (القاموس المحيط) مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي.
2 ـ صحيفة الاتحاد 8/9/2010 مقال: الفيروز آبادي صاحب القاموس المحيط "اشترى الكتب بالذهب"، د. محمد داود.
3 ـ نداء الهند، الفيروزآبادي والقاموس المحيط، د. قمر شعبان الندوي..
4 ـ دار الفتوى، المجلس الإسلامي الأعلى في استراليا، الإمام اللغوي الفيروزآبادي.

 

الزيارات: 2290